بخلاف ما إذا كان نظره إلى الشك بعد الصلاة فان الجملة الثانية صالحة لأن تكون دالة عليه ، بل لعل تغيير السائل لتعبيره الوارد في سؤاله السابق حيث قال فيه ( فوجدته ) وأما هنا فغير التعبير وقال ( فرأيت فيه ) ولم يقل فرأيته فيه بنفسه شاهد على إرادة أصل الرؤية للنجاسة من دون العلم بكونها هي النجاسة السابقة ويؤيده مجيء هذه النكتة في كلام الإمام عليهالسلام في ذيل الرواية.
ودعوى ـ استبعاد جهل زرارة بحكم المسألة بل استغرابه عنه فيما إذا كان يحتمل وقوع النجاسة عليه بعد الصلاة مدفوعة ـ بعدم معرفة تاريخ سؤال الراوي فلعله كان في بداية امره ـ خصوصا والرواية عن الإمام الباقر عليهالسلام ـ كما يشهد عليه سؤاله في نفس الرواية عن أحكام أخرى ربما يدعى وضوحها كعدم وجوب الفحص ومنجزية العلم الإجمالي بنجاسة الثوب ، كما يحتمل ان يكون زرارة في مقام التدقيق والتشقيق لأجل مزيد الاستفادة من الإمام عليهالسلام واستدراجه إلى ذكر القواعد والنكات العامة كما تناسبه كثرة التشقيقات والفروض التي افترضها في نفس الرواية ، ولو أبيت عن كل ذلك أمكن توجيه استغراب زرارة من ناحية انه كان يظن عدم الإصابة وكان يعتمد عليه في دخوله في الصلاة وقد سلب منه ذلك بعد رؤية النجاسة بعد الصلاة ولو للظن بأنها نفس النجاسة السابقة.
وهكذا يظهر ان هذا المورد من الصحيحة يتكفل أيضا قاعدة الاستصحاب وبلحاظ الشك في طهارة الثوب الحاصل بعد الصلاة وبذلك لا يبقى موضوع للإيراد المعروف على الصحيحة بعد حمل جملة ( فرأيت فيه ) على رؤية النجاسة السابقة بان المورد ليس من موارد نقض اليقين بالشك بل باليقين بالنجاسة فكيف طبق الإمام عليهالسلام الاستصحاب عليه.
النقطة الثالثة ـ في علاج الرواية بناء على التفسير المشهور لها من حصول العلم بعد الرؤية بوقوع الصلاة مع النجاسة. والبحث في هذه النقطة يقع في جهات ثلاث :
الجهة الأولى ـ ان هذه المشكلة لو فرض استعصاؤها على الحل بحيث لم نجد تفسيرا لها فهل يضر ذلك بأصل دلالة هذه الفقرة من الصحيحة على كبرى الاستصحاب أم يمكن التفكيك بين دلالتها على الكبرى وتطبيقها في المورد فتبقى الصحيحة حجة من الناحية الأولى وان فرض إجمالها من الناحية الثانية؟.