لهذه الموارد من أن نشير إلى الضابط العام لإمكان الترتب فنقول :
هناك شرطان أساسيان لإمكان الترتب.
الشرط الأول ـ أن لا يكون أحد الخطابين مشروطاً بالقدرة الشرعية بالمعنى الثالث وهو عدم الأمر بالخلاف ، إذ لو كان كذلك فسوف يستحيل ثبوته ولو بنحو الترتب ومشروطاً بعدم الاشتغال بالمنافي ، لأن الشرط عدم نفس الأمر الآخر وهو غير محفوظ حتى لو لم يشتغل بالمنافي.
الشرط الثاني ـ أن لا يكون ترك أحدهما مساوقاً مع تحقق الآخر ، كما في الضدين الذين لا ثالث لهما وإلاّ كان الأمر به ولو مشروطاً بعدم الآخر مستحيلاً لأنه من طلب الحاصل.
فإذا اتضح ما هو الضابط العام لإمكان الترتب نرجع إلى استعراض الموارد التي ادعي فيها استحالة الترتب وبالتالي خروجها عن باب التزاحم.
المورد الأول ـ ما إذا كان أحد التكليفين مشروطاً بالقدرة الشرعية إذ لا يكون حينئذ ملاك فيه لكي يعقل الأمر به ولو مترتباً.
ولا أدري ما ذا فهم السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ من هذا البيان فأورد عليه بإشكال الدور ، وان الملاك إنما يستكشف بالخطاب دائماً فهو موقوف عليه في مقام الإثبات فلو كان الخطاب الترتبي يستكشف بالملاك وموقوفاً على إحرازه لزم الدور ولزم بطلان الترتب في جميع الموارد إذ لا علم لنا فيها جميعاً بالملاك إلاّ من ناحية الخطاب.
والصحيح ما أوضحناه آنفاً من أن القدرة الشرعية الدخيلة في الملاك إن أريد بها دخل عدم وجود المانع الشرعي والأمر بالخلاف في الملاك فلا يعقل الترتب ، لا لعدم إحراز الملاك في المرتبة السابقة كي يلزم الدور ، بل لانتفاء التكليف ملاكاً وخطاباً بانتفاء شرطه وهو القدرة بالمعنى المذكور.