الخاصّ ليس حاكماً على نفس العام بل حاكم على دليل حجية » (١).
ونلاحظ في ضوء هذه الكلمات.
أولا ـ أن المحقق الخراسانيّ ـ قده ـ لا يرى تلازماً بين التنافي بين المدلولين والتنافي بين الدلالتين ، فهو يعتقد أن الأول ثابت في موارد الجمع العرفي دون الثاني.
وثانياً ـ أن مدرسة المحقق النائيني ـ قده ـ التي يمثلها السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ تنفي التنافي بين المدلولين في موارد الجمع العرفي ، فضلاً عن التنافي بين الدلالتين.
وثالثاً ـ أن المحقق الخراسانيّ والمحقق النائيني ـ قدهما ـ يتفقان على لزوم إخراج موارد الجمع العرفي عن تعريف التعارض. ولا بد من تمحيص هذه الأمور الثلاثة.
اما فيما يتعلق بالأمر الأول ، فالصحيح هو أن التنافي في موارد الجمع العرفي كما يوجد بين المدلولين يوجد كذلك بين الدلالتين ، سواء كان المراد من الدلالة الظهور أو الحجية. أما التنافي بحسب الظهور ، فلأن الدليل المنفصل لا يرفع الظهور فيبقى التنافي بين الدليلين المنفصلين في موارد الجمع العرفي محفوظاً.
وأما التنافي بحسب الحجية فلأن حجية العام مع حجية ظهور الخاصّ لا محالة متنافيتان. نعم ، لو أريد من التنافي بحسب الدلالة ما سوف نشير إليه من التنافي بحسب اقتضائي دليل الحجية لشمولهما ، فلا يكون تناف في موارد الجمع العرفي ، لأن اقتضاء دليل الحجية لشمول العام معلق على عدم مجيء الخاصّ. غير أن هذا ليس مقصوداً للمحقق الخراسانيّ ـ قده ـ بقرينة أنه يرى التعارض هو التنافي بين الدلالتين على وجه التناقض أو التضاد ومن الواضح
__________________
(١) مصباح الأصول ص ٣٤٧ ـ ٣٥٢.