دليلين ، فسوف نجد أن تعريف المشهور وتعريف المحقق الخراسانيّ ـ قده ـ يفي بذلك ، دون الصيغة التي تفي بالمقصود الأول والصيغة التي تفي بالمقصود الثاني ، وذلك لأن الصيغة التي تفي بالمقصود الأول تكون أضيق دائرة من حالات التنافي الحقيقي ، لما تقدم من أن التنافي بين الدليلين بحسب المدلول والدلالة ثابت في غير الورود من أقسام الجمع العرفي ، والصيغة الثانية أوسع دائرة من حالات التنافي الحقيقي ، لأن عدم إمكان اجتماع المجعولين في الفعلية في موارد الورود لا يحقق تنافياً بين الدليلين ، لأن المرحلة التي يتعرض لها الدليل إنما هي الجعل لا المجعول. ويكون التعارض بموجب هذه الصيغة المستفادة من تعريف المشهور غير مختص بموارد التعارض المستحكم ، كما لا يكون شاملاً لقسم الورود من أقسام التعارض غير المستقر ، ولا حاجة في هذه الصيغة إلى الاهتمام بإخراج موارد الجمع العرفي جميعاً ، بل العكس هو الصحيح ، لأن المقصود بها ضبط حالات التنافي الحقيقي بين الدليلين وهي تشمل غير الورود من أقسام التعارض غير المستقر.
ويتلخص من ذلك كله : أن تعريف التعارض إن كان تعريفاً لمعنى مصطلح فالمسألة مسألة اختيار تبعاً للحاجة الفنية التي من أجلها وضع الاصطلاح ولهذا فالأنسب بهذه الحاجة هو الصيغة الثانية التي تستوعب الأسئلة الثلاثة التي يجب على علم الأصول معالجتها. وإن كانت الصيغة الأولى يمكن الاستفادة منها في تعريف قسم من التعارض يقع موضوعاً للبحث الأصولي. وإن كان تعريف التعارض تعريفاً لواقع موضوعي ، وهو حالات التنافي الحقيقي بين دليلين ، فكل من تعريف الشيخ الأعظم وتعريف المحقق الخراسانيّ ـ قدهما ـ يفي به ، للتلازم بين تنافي المدلولين وتنافي الدلالتين.
وسوف نعبر فيما يلي عن الصيغة الثانية بالتعارض الاصطلاحي وعن الصيغة الثالثة بالتعارض الحقيقي.
والتعارض ، تارة : يفرض بين دليلين اجتهاديين ، كالتعارض بين