هذا التقدير تثبت الحجية للسندين معاً وتترتب آثار الصدور الثابتة للأعم من المعنى الظاهر المعارض وغير الظاهر. فلو كان هناك أثر يترتب على الأعم من المعنيين نرتّبه لا محالة ، فإذا افترضنا أن الدليل كان مفاده ظاهراً في وجوب شيء ويحتمل فيه الاستحباب أثبتنا بدليل حجية السند ـ على هذا التقدير ـ الجامع بين الوجوب والاستحباب ، فإن كان ظهوره مما يمكن الأخذ به ـ كما في غير مورد التعارض ـ أثبتنا الوجوب أيضا ، وإذا كان ظهوره معارضا ثبت الجامع بمجرده لأن الصدور يستلزم الجامع ، وحينئذ إذا فرض أن المعارض كان ظاهراً في الإباحة مع احتمال الاستحباب فيه أيضا أمكن إثبات الجامع في كل منهما بنحو القضية المجملة المرددة بين الوجوب والاستحباب في الأول ، والاستحباب والإباحة في الثاني ، فإذا استبعدنا احتمال التقية كان مقتضى صدق كل من الرّاويين ومطابقة كلامهما للواقع ثبوت الاستحباب لا محالة. وقد تقدم في مستهل البحث عن التعارض المستقر أن هذا نحو من الجمع بين الدليلين ، وعلى أساسه حدّدنا مقدار الكر بالوزن في أخبار الرطل المتعارضة في ألف ومائتي رطل عراقي.
غير أنا قيّدنا هذا الجمع بما إذا كان مفاد الدليلين مجملاً مردداً بين ما يمكن معه صدق الدليلين ومالا يمكن. ولم نعمله فيما إذا كانا ظاهرين في معنيين متعارضين وذلك باعتبار ما بيناه في التقدير الأول المختار في حجية السند من أن حجيته ارتباطية وليست مستقلة فلا محالة يسري التعارض من الظهورين إلى السندين. وبعبارة أخرى : إن هناك حجية واحدة جعلت لما هو المتحصل من اخبار الراوي الثقة ، وما هو المتحصل منه فيما إذا كان معارضاً بخبر آخر لا يمكن حجيته بخلاف ما إذا كان مفاده مجملاً مردداً من أول الأمر بين المعنيين ، فإن ما هو المتحصل منه ـ وهو الجامع بين المعنيين ـ يمكن التعبد به ، ثم تعيينه في أحدهما بالنحو الّذي شرحناه آنفاً.
التقدير الثالث ـ أن تكون حجية السند مستقلة جعلاً عن حجية الظهور