لأن كتاب البحار يثبت خبر من قبله وهكذا إلى أن يصل إلى الكافي وكذلك كتاب الوسائل فيتعارضان في تعيين خبر الكافي قبل أن يصلا إلى إثبات خبر ذريح فنقل التهذيب عن ذريح يبقى بلا معارض إذ لا يوجد ما يصلح لمعارضته ، أما نقل الكليني فلأنه لم يثبت اشتماله على الواو مع تهافت نسخ الكافي وأما نقل البحار فلأن التهذيب ينقل عن ذريح أنه نطق بـ ( أو ) والبحار ينقل عن الكافي أنه قال أن ذريحاً نطق بالواو ولعل كلا هذين الكلامين صادقان. لكن المختار في تصوير حجية الخبر مع الواسطة أن الناقل المباشر عن الإمام ينقل. حكماً واقعياً ونقله له موضوع لحكم ظاهري منجز للواقع وهو الحجية فالناقل عنه ناقل لموضوع ذلك الحكم الظاهري وهذا النقل الجديد يشمله دليل الحجية بهذا اللحاظ ويكون بنفسه موضوعاً لحكم ظاهري منجز لذلك الحكم الظاهري المنجز للواقع وهكذا إلى أن نصل إلى الناقل المباشر لنا الّذي يكون نقله موضوعاً لحكم ظاهري عاشري مثلاً ويكون حجة لأنه نقل موضوع حكم الشارع فيثبت ذلك الحكم ، وبناء على هذا التصور يقع التعارض لا محالة بين خبر التهذيب وخبر البحار وخبر الوسائل في عرض واحد ويسقط الكل فإن نقل التهذيب موضوع لحكم ظاهري ينجز الحرمة عند النشيش ونقل البحار موضوع لحكم ظاهري يعذر عن الحرمة عند النشيش من دون غليان فلا محالة يتعارضان ويتساقطان ، غاية الأمر أن نقل البحار له معارض آخر وهو نقل الوسائل فيسقط الكل في عرض واحد.
وأما ما تقتضيه القاعدة إذا افترضنا العلم من الخارج بحجية أحد الدليلين المتعارضين وعدم تساقطهما المطلق ، فيقال عادة في هذا المجال : أنه تارة نفرض القطع بأن ملاك الحجية في أحدهما المعين أقوى منه في الآخر ، وأخرى : نفرض القطع بتساويه فيهما ، وثالثة : نفرض احتمال تعين الملاك وأقوائيته