أو الروايات القطعية السند ـ فيمكن التمسك بإطلاقه لحالات التعارض أيضا. وأما الأدلة اللفظية الآمرة بالرجوع إلى الكتاب والعترة فهي مسوقة لبيان عصمتهما ومرجعيتهما التشريعية ، وليست بصدد بيان حجية دلالات القرآن أو الأحاديث ولو كانت ظنية.
وفيه : أن أدلة حجية خبر الثقة اللفظية إمضائية فتتحدد بحدود ما قامت على اعتباره سيرة العقلاء والمفروض أنها غير شاملة لموارد التعارض.
وقد يدعى العكس وتعين الدليل الظني للسقوط بأحد تقريبين.
١ ـ دعوى : انصراف أدلة حجية الخبر عن مورد علم فيه خلافه من نفس المتكلم ، كما إذا سمعه بنفسه يبين خلاف ما ينقله المخبر. فكأن دليل حجية السند تنزيل للراوي منزلة المتكلم في مورد لا يصل إليه ، فلا يعم صورة اطلاع السامع مباشرة على رأيه ، والدليل القطعي في حكم السماع مباشرة. فإذا خالفه خبر الثقة خرج عن موضوع الحجية.
٢ ـ ما تقدم في أبحاث حجية خبر الثقة ، من أن حجيته الثابتة بالسيرة العقلائية الممضاة شرعاً ليست تعبدية ، وإنما بملاك الطريقية ودرجة الكشف النوعيّ المحفوظة فيه ، فإذا انسلخت عنه تلك الدرجة بقيام إمارة نوعية معتبرة ومعتدّ بها عند العقلاء على خلاف ما أخبر به الثقة سقط عن الاعتبار عندهم. وهذا بخلاف حجية الظهور الثابتة بالسيرة العقلائية أيضا ، فإن ديدنهم على العمل به حتى يعلم بالخلاف فلا يكفي مجرد قيام سند ظني على خلافه ولو كان معتبراً لإسقاطه عن الحجية.
فإذا تم شيء من هذين التقريبين كان ظهور الدليل القطعي حجة ويسقط الدليل الظني على القاعدة ، وإلاّ رجعنا إلى ما كان يقتضيه الأصل الأولي والثانوي المتقدم شرحهما مفصلاً فيما إذا كان مركز التعارض دليل الحجية الواحد.