ليس لنا علم إجمالي بعدم صدور خصوص أحد العامين من وجه بل لنا علم بعدم صدور أحد هذه الأدلة الأربعة ، إذ لو لم يصدر أحد العامين أو أحد الخاصّين لم يكن تناف بين الثلاثة الباقية ، أما لو لم يصدر أحد العامين فواضح ، وأما لو لم يصدر أحد الخاصّين فلأنه بعد تخصيص أحد العامين يصير أخص من العام الآخر فيخصص به ، فإذا لا بد من ملاحظة الترجيح بين الأدلة الأربعة وطرح أحدها والأخذ بالثلاثة الباقية ، ومع فقد الترجيح والحكم بالتخيير يتخير بين الأدلة الأربعة بطرح أحدها والأخذ بالباقي » (١).
وهذا البيان غير تام. وذلك.
أولا ـ لورود النقض بما إذا ورد مخصصان كل واحد منهما يخصص أحد الدليلين المتعارضين بنحو يبقى التعارض بينهما على حاله بعد التخصيص أيضا ، كما إذا كان موضوع الخاصّين واحداً ـ وقد تقدمت الإشارة إلى حكمه في الحالات السابقة ـ فإنه لا إشكال في إعمال المخصصين وإيقاع التعارض بين العامين والحكم فيهما بالتخيير أو الترجيح ، سواء قيل بانقلاب النسبة أم لا. مع أنه بناء على ما أفيد في هذا البيان لا بد من إيقاع المعارضة بين الأدلة الأربعة جميعاً للعلم إجمالاً بعدم صدور أحدها بحيث لو تعين في واحد منها لارتفع التعارض المستحكم.
وثانياً ـ أن فرضية التعارض بالنحو المذكور غير مخصوص بالأدلة ظنية السند كي يكون العلم الإجمالي بعدم صدور أحدها موجباً لسريان التعارض إلى سندها جميعاً ، بل يمكن افتراض هذا اللون من التعارض بين الأدلة قطعية الصدور التي لا يوجد فيها غير الظهورات المتعارضة ، والعلم الإجمالي بعدم جدية أحدها منحل بالعلم التفصيليّ بعدم جدية ظهور أحد العامين من وجه للتعارض بينهما على كل تقدير ، فلا يبقى مانع من الأخذ بظهور الخاصّين.
__________________
(١) مصباح الأصول ص ٤٠٠ ـ ٤٠١.