وقد اشتملت هذه الطائفة من أخبار الطرح على عقدين. عقد سلبي يردع عن حجية ما خالف الكتاب الكريم ، وعقد إيجابي يأمر بأخذ ما وافق الكتاب الكريم. ولا بد من الحديث حول كل من العقدين في نقاط.
الأولى ـ أن مفادها هل يكون جملة خبرية ـ وهي استنكار صدور ما يخالف الكتاب عنهم ـ فتكون كالطائفة الأولى ، أو مجرد نفي الحجية التعبدية المستفاد من الأمر الإرشادي بترك ما خالف الكتاب؟ قد يدعي الأول بقرينة ما ورد فيها من أن على كل صواب نوراً فما لا نور عليه ـ وهو الخبر المخالف للكتاب ـ ليس بصواب فلا يكون صادراً عنهم.
إلاّ أن الصحيح هو الثاني ، لأن هذه الجملة لا تعدو أن تكون تعبيراً متعارفاً عن أن الحق يتضح والصواب تبدو دلائله وتبشر أماراته في أغلب الأحيان ، وليس إخباراً عن ملازمة دائمية بين الصدق وبين ظهور النور والحقيقة. ومما يشهد على عدم إرادة الاستنكار ونفي الصدور قوله عليهالسلام في صدر رواية جميل ( الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ) الظاهر في وجود الشبهة واحتمال المطابقة للواقع. فلا يستفاد من هذه الطائفة أكثر من نفي حجية ما خالف الكتاب الكريم.
الثانية ـ قد يقال أن هذه الطائفة لا تختص بأخبار الآحاد بل تشمل كل أمارة تؤدي إلى مخالفة الكتاب فتختلف عن الطائفتين السابقتين الظاهرتين بمقتضى سياقهما في النّظر إلى حجية الرواية والسند خاصة. ومن هنا قد يستشكل في تخصيص دليل الحجية العام بها.
إلاّ أن الصحيح ، تقديم إطلاق هذه الطائفة ـ لو تمت ـ على دليل حجية الخبر باعتبار حكومتها عليه ، إذ هي كأدلة المانعية والشرطية فرض فيها الفراغ عن أصل حجية خبر الثقة ليستثنى منها حالة خاصة. فتكون ناظرة إلى دليل الحجية العام وحاكمة عليه ، مضافاً إلى أن القدر المتيقن منها هو