ومنها ـ ما رواه الطبرسي في الاحتجاج مرسلاً عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال « إذَا سَمِعتَ مِن أصحَابِكَ الحَديثَ وَكُلّهُم ثِقَةٌ فَمُوَسّعٌ عَلَيكَ حَتّى تَرَى القَائِمَ فَتَرُدّ عَلَيهِ » (١).
والاستدلال بها على التخيير باعتبار ما ورد فيها من التوسعة في الأخذ بهذا الحديث أو ذاك. وقد علق السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ على هذه الرواية « بأنها لا دلالة لها على حكم المتعارضين كما ترى ، ومفادها حجية أخبار الثقة إلى ظهور الحجة عليهالسلام » (٢).
وفيه : أنه لو سلمنا عدم ورودها في فرض التعارض ولم نقبل ما سوف نشير إليه من القرينة علي أن النّظر فيها إلى صورة التعارض فلا بأس بأن يستفاد من إطلاقها التخيير في موارد التعارض ، لأن دليل الحجية إذا كان بلسان جعل المنجزية أو الطريقية أو إيجاب العمل لا يمكن أن يشمل موارد التعارض ، لأن شموله للمتعارضين معاً غير معقول ولأحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح ، وأما إذا كان بلسان التوسعة وأن له أن يعمل به فيعقل إطلاقه للمتعارضين معاً ، لأن جواز العمل بأحد المتعارضين لا ينافي جواز العمل بالآخر أيضا. ومن هنا نقول أن مثل حديث ( فللعوام أن يقلدوه ) في مسألة التقليد لو لا ما فيه من ضعف السند يمكن أن يكون دليلاً على التخيير عند تساوي المجتهدين مع اختلافهما.
وقد يستشكل في الاستدلال بها بإبراز احتمال أن يكون المراد من التوسعة التوسعة في الوظيفة العملية وبملاك الأصول المؤمنة مع افتراض سقوط المتعارضين عن الحجية ، فلا يكون دليلاً على التخيير في الحجية.
وفيه : أن موارد التعارض ليست دائماً مجرى للأصول المؤمنة ، بل قد
__________________
(١) وسائل الشيعة باب ـ ٩ ـ من أبواب صفات القاضي.
(٢) مصباح الأصول ، ص ٤٢٤.