من الموافقة عدم المخالفة.
الثاني ـ المخالفة والموافقة مع العامة فيرجّح ما خالف أخبارهم على ما وافقها. وقد يقال باختصاص هذا الترجيح بما إذا كانت المخالفة والموافقة مع أخبارهم لأنه الّذي نصّ عليه الحديث ، إلاّ أن الصحيح التعدي إلى الموافقة والمخالفة مع فتاواهم وآرائهم أيضا وإن كانت على أساس غير الأخبار من أدلة الاستنباط عندهم فإنه لا فرق بينه وبين الموافقة مع أخبارهم في الترجيح القائم على أساس نكتة طريقية لا تعبدية.
والمستفاد من الرواية طولية الترجيحين وأن الأول منهما مقدم في مقام علاج التعارض على الثاني كما هو واضح.
وأما الحديث عن نسبتها إلى سائر الأخبار فبلحاظ أخبار التخيير لو تم شيء منها تكون رواية الراوندي أخص مطلقاً باعتبارها تثبت الترجيح في قسم خاص من حالات التعارض وهو ما إذا كان أحد المتعارضين موافقاً مع الكتاب أو مخالفاً مع العامة ، وأما بلحاظ أخبار الترجيح الأخرى أو أخبار التوقف والإرجاء ، فسوف نتعرض إلى نسبتها مع رواية الراوندي لدى التعليق على كل واحد منها.
ومن جملة أخبار الترجيح بمخالفة العامة ، رواية الحسين بن السري قال : « قَالَ أبُو عَبدِ اللهِ عليهالسلام : إذَا وَرَدَ عَلَيكُم حَدِيثَانِ مُختَلِفانِ فَخُذُوا بِمَا خَالَفَ القومَ » (١).
وهي ساقطة سنداً ، ولكنها موافقة دلالة مع رواية الراوندي في ترجيح ما خالف العامة على ما وافقهم بعد أن تعدينا في فهم رواية الراوندي إلى مطلق المخالفة مع فتاواهم. نعم هذه الرواية مطلقة تشمل صورة مخالفة الخبر المخالف مع العامة للكتاب الكريم أيضا فلا بدّ من تقييدها برواية الراوندي باعتبارها
__________________
(١) وسائل الشيعة باب ـ ٩ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ٣٠.