يسقطه عن الحجية. وهذه الطائفة من أخبار الترجيح لو تمت سنداً ودلالة تقدمت على أخبار التخيير بالتخصيص ، وأما نسبتها إلى خبر الراوندي وغيره مما دل على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة فعموم من وجه ، وسوف يأتي مزيد توضيح لهذه النقطة لدى التعليق على الاستدلال بالمقبولة والمرفوعة.
والمراد بالأحدثية ، صدور الخبر في زمن متأخر عن زمن صدور الآخر وأهم ما ورد في لسان هذا الترجيح كمرجح لأحد المتعارضين على الآخر روايتان. إحداهما ـ رواية هشام بن سالم عن أبي عمرو الكناني قال : « قال أبُو عَبدِ اللهِ عليهالسلام : يا أبَا عُمر أرَأيتَ لَو حَدّثتُكَ بِحَدِيثٍ أو أفتَيتُكَ بِفُتيَا ثُمّ جِئتَني بَعدَ ذَلِكَ فَسَألتَني عَنهُ فَأخبَرْتُكَ بِخِلافِ ذَلِكَ بِأيّهمَا كُنتُ تَأخُذُ؟ قُلتُ : بِأحدَثِهِمَا وَأدَعُ الآخَرَ. فَقَالَ ، قَد أصَبتَ يا أبَا عَمرو ، أبَى اللهُ إلاّ أن يُعبَدَ سِرّاً. أما وَاللهِ لأن فَعَلتُم ذَلِكَ إنّهُ لَخَيرٌ لي وَلَكُم ، وأبَى اللهُ عَزّ وَجَلّ لَنَا وَلَكُم في دِينِهِ إلاّ التّقِيّةُ » (١).
والثانية ـ رواية الحسين بن مختار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « أرَأيتُكَ لَو حَدّثتُكَ بِحَدِيثٍ العَامَ ثُمّ جِئتَني مِن قابِل فَحَدّثتُكَ بِخِلافِهِ بِأيّهِمَا كُنتَ تَأخُذُ؟ قَالَ : قُلتُ. كُنتُ آخُذُ بالأخِيرِ. فَقَالَ : رَحِمَكَ اللهُ » (٢).
والبحث عن هذه الطائفة من أخبار الترجيح يقع في نقاط.
النقطة الأولى ـ حول سند الروايتين. أما الرواية الثانية فهي ساقطة سنداً باعتبار الإرسال الواقع فيه. وأما الرواية الأولى فهي ضعيفة بأبي عمرو الكناني
__________________
(١) جامع أحاديث الشيعة ج ١ باب ـ ٦ ـ من أبواب المقدمات ، ص ٦٦.
(٢) جامع أحاديث الشيعة ج ١ باب ـ ٦ ـ من أبواب المقدمات ، ص ٦٦.