مَنْ تَحَاكَمَ إلَيْهِمْ في حَقّ أوْ بَاطِلٍ فَإنَّمَا تَحَاكَمَ إلى الطّاغُوتِ وَمَا يَحْكُمُ لَهُ فَإنّمَا يَأخُذُهُ سُحْتاً وَإنْ كَانَ حَقّهُ ثابِتاً ، لأنّه أخَذَ بِحُكمِ الطّاغُوتِ وَإنّمَا أمَرَ اللهُ أنْ يَكْفُرَ بِهِ. قَالَ اللهُ تَعَالى : « وَيَتَحَاكَمُونَ إلى الطّاغُوتِ وقَد أمِرُوا أن يَكفُرُوا بِهِ » قُلتُ : فَكَيفَ يَصنَعَانِ؟ قَالَ : يَنظُرانِ مَن كَانَ مِنكُم مِمّن قَد رَوَى حَدِيثَنَا وَنَظَرَ في حَلالِنَا وَحَرَامِنَا وَعَرَفَ أحكَامَنَا فَليَرضُوا بِهِ حَكَماً فَإنّي جَعَلتُهُ عَلَيكُم حَاكِماً فَإذَا حَكَمَ بِحُكمِنَا فَلَم يُقبَل مِنهُ فَإنّمَا بِحُكمِ اللهِ استَخَفّ وَعَلَينَا قَد رَدّ وَالرّادّ عَلَينَا الرّادّ عَلى اللهِ وَهُوَ عَلى حَدّ الشّركِ بِاللهِ. قُلتُ : فَإن كَانَ كُلّ واحِدٍ اختَارَ رَجُلاً مِن أصحَابِنَا فَرَضيَا أن يَكُونَا النّاظِرَينِ في حَقّهِمَا فَاختَلَفَا فِيما حَكَما وَكِلاهُمَا اختَلَفَا في حَدِيثِكُم؟ فَقَالَ ، الحُكمُ مَا حَكَمَ بِهِ أعدَلهُمَا وَأفقَهُهمَا وَأصدَقُهُمَا في الحَدِيثِ وَأورَعُهُمَا ، وَلا يُلتفَت إلَى مَا يَحكُمُ بِهِ الآخَرُ. قَالَ : فَقُلتُ : فَإنّهُمَا عَدلانِ مَرضِيّانِ عِندَ أصحَابنَا لا يَفضُلُ واحدٌ مِنهُمَا عَلى صَاحِبِهِ؟ قَالَ : فَقَالَ : يُنظَر إلى مَا كَانَ من روايَتَيهما عَنّا في ذَلكَ الّذي حَكَما به المُجمَعُ عَلَيهِ عندَ أصحَابكَ فَيُؤخَذُ بِهِ مِن حُكمِنَا ويُترَكُ الشاذُ الّذي لَيسَ بِمَشهُور عِندَ أصحَابِكَ فإن المُجمَعَ عَلَيهِ لا رَيبَ فِيهِ ، وَإنّمَا الأمُورَ ثَلاثَةٌ أمرٌ بَيّنٌ رُشدُهُ فَيُتّبَعُ وَأمرٌ بَيّنٌ غَيّهُ فَيُجتَنَبُ وَأمرٌ مُشكِلٌ يُرَدّ حُكمُهُ إلى اللهِ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : حَلالٌ بَيّنٌ وحَرَامٌ بَيّنٌ وَشُبُهَاتٌ بَينَ ذَلِكَ فَمَن تَرَكَ الشّبُهَاتِ نَجَى مِنَ المُحَرّمَاتِ وَمَن أخَذَ بِالشّبُهَاتِ وَقَعَ في المُحَرّمَاتِ وَهَلَكَ مِن حَيثُ لا يَعلَم. قَالَ :