قُلتُ : فَإن كَانَ الخَبَرَانِ عَنكُم مَشهُورَينِ قَد رَواهُما الثّقَاتُ عَنكُم؟ قَالَ : يُنظَرُ فَمَا وَافَقَ حُكمُهُ حُكمَ الكِتَابِ وَالسّنّةِ وخَالفَ العَامّةَ فَيُؤخَذُ بِهِ ويُترَكُ مَا خَالَفَ حُكمُه حُكمَ الكِتابِ وَالسنّةِ وَوَافَقَ العَامّةَ. قُلتُ : جُعِلتُ فِدَاكَ إن رَأيتَ أن كَانَ الفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكمَهُ مِنَ الكِتَابِ وَالسّنّةِ وَوَجَدنَا أحَدَ الخَبَرَينِ مُوَافِقاً للعَامّةِ والآخَر مُخَالِفاً لَهُم بِأيّ الخَبَرَينِ يُؤخَذُ؟ فَقَالَ : مَا خَالَفَ العَامّةُ فَفِيهِ الرّشَادُ. فَقُلتُ : جُعِلتُ فِدَاكَ فَإن وَافَقَهُمَا الخَبَرَانِ جَمِيعاً؟ فَقَالَ : يُنظَرُ إلى مَا هُم إلَيه أميَلُ حُكّامُهُم وَقُضَاتُهُم فَيُترَكُ وَيُؤخَذُ بِالآخَرِ. قُلتُ : فَإن وَافَقَ حُكّامُهُم الخَبَرَينِ جَمِيعاً؟ قَالَ : إذَا كَانَ ذَلِكَ فَأرجِئهُ حَتّى تَلقَى إمَامَكَ ، فَإنّ الوُقُوفَ عِندَ الشّبُهَاتِ خَيرٌ مِنَ الاقتِحَامِ في الهَلَكاتِ » (١).
وأما المرفوعة. فقد رواها ابن أبي الجمهور الأحسائي في غوالي اللئالي عن العلامة مرفوعاً إلى زرارة قال : « سَألتُ أبَا جَعفَر عليهالسلام فَقُلتُ لَهُ : جُعِلتُ فِدَاكَ يَأتي عَنكُم الخَبَرَانِ وَالحَدِيثَانِ المُعَارِضَان فَبِأيّهِمَا آخُذُ؟ فَقَالَ : يا زُرَارَةُ خُذ بِمَا اشتَهَرَ بَينَ أصحَابِك وَدَع الشّاذّ النّادِرَ. فَقُلتُ : يا سَيّدِي إنّهُمَا مَعاً مَشهُورَان مَأثُورَانِ عَنكُمْ؟ فَقَالَ : خُذ بِمَا يَقُولُ أعدَلُهُمَا عِندَكَ وَأوثَقُهُمَا في نَفسِكَ. فَقُلتُ : إنّهُمَا مَعاً عَدلان مَرضِيّانِ مُوَثّقَان؟ فَقَالَ : انظُر مَا وَافَقَ مِنهُمَا العَامّةَ فَاترُكهُ وَخُذ بِمَا خَالَفَ فَإنّ الحَقّ فِيمَا خَالَفَهُم. قُلتُ : رُبّما كانا مُوَافِقَينِ لَهُم أو مُخَالِفَينِ فَكَيفَ أصنَعُ؟ قَالَ : إذَن فَخُذ بِمَا فِيه
__________________
(١) وسائل الشيعة باب ـ ٩ ـ من أبواب صفات القاضي.