بالشهرة والترجيح بالصفات ، مع فرق بينهما في تحديد مرتبة كل من المرجحين وكونه مقدماً على الآخر أو مؤخراً عنه ، فالترجيح بالشهرة مقدم على الترجيح بالصفات في المرفوعة ومؤخر عنه في المقبولة ، ولا بد من البحث عن كيفية استفادة الترجيح بهذين المرجحين ، فنقول :
أما استفادة الترجيح بالشهرة من هاتين الروايتين ، فقد ناقش فيها جملة من المحققين بأن المراد من الشهرة التواتر والاستفاضة في النقل ، وفي مثل هذه الحالة تسقط الرواية الشاذة عن الحجية في نفسها لمعارضتها مع دليل قطعي ، فلا يكون الأخذ بالمشهور من باب الترجيح بل من باب تمييز الحجة عن اللاحجة.
والتحقيق : أن الشهرة إذا لوحظت بالنسبة إلى الرواية بما هي حكاية عن حديث المعصوم ، تكون ظاهرة في الشهرة الروائيّة المساوقة مع الاستفاضة وإذا لو حظت بالإضافة إلى الرواية بما هو رأي نقل عن المعصوم كانت ظاهرة في الشهرة الفتوائية والعملية عند الفقهاء. ولا يبعد أن يكون ظاهر المرفوعة إرادة الاشتهار في الفتوى لا في الرواية بقرينتين.
أولاهما ـ ما جاء في افتراض السائل تعليقاً على الترجيح بالشهرة من إمكان اشتهار الروايتين المتعارضتين معاً ، وهذا لا يناسب الشهرة في الرواية المساوقة مع قطعية الصدور ، إذ لو أريد ذلك لم يبق مجال بعد ذلك للترجيح بالأعدلية والأوثقية عقلائياً. ودعوى : أن الشهرة الروائيّة حينما توجد في المتعارضين معاً لا يحصل القطع بالصدور منها ، مدفوعة : بأن هذا إنما يصح فيما إذا كان يستبعد صدور أحاديث متعارضة من الأئمة عليهمالسلام ، ولا استبعاد في صدورها عنهم بعد ما عرف من حالهم الابتلاء بظروف التقية وغيرها من الملابسات التي كانت تضطرهم إلى التحفظ والاحتياط ، كما تشهد بذلك جملة من الأحاديث الواردة عنهم وقد شرحنا جانباً منها في البحث المتقدم عن مناشئ وجود الاختلاف والتعارض فيما بين الروايات.