توجب قرب أحد الخبرين إلى الواقع لم يكن تعارض بينهما أيضا وأما إذا جمدنا على الصفات المذكورة فيهما ، أو حملنا ما جاء في المقبولة بالخصوص على المثالية ولو بقرينة قوله « قلت فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر » دون المرفوعة فهنالك يقع التعارض بينهما حيث أن أحدهما يقتصر على اثنين منها ويحكم بالرجوع إلى المرجحات الأخرى عند فقدهما بخلاف الآخر ، وعلاج هذا التعارض يكون بالتقييد فإن الظاهر من هذه المرجحات أنها مرجحات عديدة في عرض واحد فلا تصل النوبة إلى المرجحات الطولية الأخرى إلاّ بعد اجتيازها.
المادة الثالثة ـ ما إذا فرضنا عدم رجوع الترجيح بالصفات في المقبولة إلى الروايتين فيكون أول المرجحات في المقبولة والمرفوعة معاً الشهرة وآخرها مخالفة العامة ، فإنه حينئذ يقع التعارض بينهما من ناحيتين.
الأولى ـ المعارضة بالعموم من وجه بين نفس المرجحين المتوسطين وهما مخالفة العامة والشهرة ، حيث يكون مقتضى إطلاق كل منهما تقدمه على الآخر وتكون هذه المعارضة من الحالة الأولى من حالات الاختلاف بين دليلي الترجيح الأربع.
الثانية ـ المعارضة بلحاظ مورد افتراق كل من المرجحين ، فلو كان أحدهما موافقاً للكتاب مثلاً وليس راوي الآخر أصدق دلت المقبولة حينئذ على ترجيح الموافق للكتاب بينما تحكم المرفوعة بلزوم الانتقال إلى المرجح الثالث لأنهما متساويان في الصفات ، وتكون هذه المعارضة من الحالة الثانية من حالات الاختلاف بين دليلي الترجيح الأربع.
وحكم المعارضة الثانية هو التخصيص وتقييد إطلاق المرجح الثالث بما إذا لم يكن يوجد المرجح الثاني ، أي أن كلاً من المقبولة والمرفوعة كالصريح في الدلالة على أن المرجح الثالث في طول ما اختصت به من المرجح الثاني ، ومقتضى الجمع بين هاتين الصراحتين تعذر تقديم المرجح الثالث على أي واحد