وروده في بيان التحديد ، بل يمكن دعوى القطع ممن له أدنى خبرة بكلماتهم عليهمالسلام بعدم إرادة مثل هذا التقييد في أمثال هذه الخطابات التي هي صريحة أو كالصريحة في عدم النشر بالعشر ولو مجتمعات ، فلم يبق إلا الترجيح ، وليس إلا للنفي ، لصحة السند ، وكثرة العدد ، ووضوح الدلالة ، وشهرة العمل ، والاشتمال على التعليل ، وغير ذلك. ولو سلم فلا أقل من الشك بعد تعارض الأدلة التي منها مطلقات الإنبات في أن العشر يحصل بها الإنبات المحرم ، والشك في الشرط شك في المشروط ، واحتمال التمسك في إثباته بالعشر بمطلق الإنبات بعد فرض حصول الإنبات بها عرفا يدفعه معلومية إرادة المرتبة الخاصة من الإنبات لا مطلقه ، ولذا لم يحصل بما دون العشر ولو يسيرا عند الخصم ، فهو في الحقيقة مجمل لا مطلق أراد الشارع منه الإطلاق إلا ما أخرجه الدليل ، كما لا يخفى على من رزقه الله بصيرة في فهم كلماتهم عليهمالسلام التي قد ينكشف بها خلاف ما تقتضيه صناعة فن القواعد الأصولية المبنية على الغالب ، فلا ريب حينئذ في أن الترجيح لنفي التحريم بها.
ومنه يعلم أنه ينشر الحرمة إن بلغ خمس عشرة رضعة ضرورة استلزام عدم النشر بها النشر بالأكثر ، وهو إما الخمس عشرة أو ما فوقه أو ما بينه وبين العشر ، والأخيران باطلان بالإجماع ، فتعين الأول ، والإجماع هنا مع وضوحه منقول في كلام الأصحاب ، فإن الشيخ في الخلاف والحلي والآبي احتجوا على الخمس عشرة بالإجماع على التحريم ، وبه صرح العلامة في المختلف والسيوري في التنقيح بأن بطلان العشر يستلزم ثبوت الخمس عشرة ، لعدم القائل بغيرهما من المحققين ، وفي المسالك ليس فيما فوق العشر ما يجوز التعويل عليه غير الخمس عشرة بالإجماع ، لكن في التقييد إشعار بوجود قول لا يعتد به ، وليس القول بما دون العشر ، لبطلانه ببطلان العشر قطعا ، وكأنه إشارة إلى القول بالخمسة عشر يوما ، وهو كما ستعرف قول شاذ منقوض ملحوق بالإجماع ، فلا ريب في تعين الخمس عشرة ، مضافا إلى موثق زياد بن سوقة ومرسل المقنع ، وقد اتضح الحال بحمد الله على وجه لم يبق شك في المسئلة أو شبهة.