خبر مرسل غير منجبر ، فلا ينهض لمعارضة مما سبق من النص والإجماع ، كما لا ينهض لمعارضتهما صحيح العلاء بن رزين (١) عن الصادق عليهالسلام « سألته عن الرضاع فقال : لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضع من ثدي واحد سنة » فإنه وإن كان معتبر السند إلا أن عمل الطائفة بخلافه ، فهو من الشاذ الذي أمرنا بطرحه ، وصحفه بعض متأخري المتأخرين بالضم والتشديد أو بالكسر مع الإضافة إلى ضمير الارتضاع ، على أن المراد الرضاع في الحولين اللذين هما سن الرضاع والسنة فيه ، فضلا عن خبر الحلبي (٢) عن الصادق عليهالسلام « لا يحرم من الرضاع إلا ما كان حولين كاملين » وخبر عبيد بن زرارة أو زرارة (٣) عنه عليهالسلام أيضا « سألته عن الرضاع ، فقال : لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضعا من ثدي واحد حولين كاملين » الضعيفين المتروكين أيضا بإجماع الطائفة الممكن تأويلهما بإرادة الظرفية ، ولا يأباه وصف الكاملين.
فمن الغريب توقف بعض متأخري المتأخرين في ذلك فيهما ، بل أغرب منه ميلة الى اعتبار الحولين لتعدد رواياته وتأيده بالأصل والمخالفة لمذاهب الجمهور ، إذ يمكن أن يكون مخالفا لإجماع المسلمين وللأخبار المتواترة عن الأئمة الميامين عليهمالسلام ، بل يمكن أن يكون مخالفا للضرورة من الدين ، كالذي عساه يظهر من النصوص السابقة ، في المجبور ، من اعتبار الدوام والاستمرار في تحريم الرضاع الذي لا يخلو من تأييد للحولين ، ولكن لو ساغ للفقيه التردد بكلما يجد أو الجمود على كل ما يرد ما اخضر للفقه عود ولا قام للدين عمود ، نسأل الله تعالى تنوير البصيرة وصفاء السريرة ، فإنه الرحيم المنان المتفضل الحنان ذو الفضل والإحسان.
ثم لا يخفى عليك ظهور النص والفتوى في الاكتفاء بذلك وإن لم يبلغ العدد ، ويمكن أن يكون تحديد الشارع ملاحظا فيه الوسط من الناس ، فإنه كما اعترف به في المسالك يأتي على العدد تقريبا ، وهذه عادة للشارع في ضبط قوانين الشرع في مقامات عديدة ، ويكون تحقيقا في تقريب ، وقد عرفت أن الأصل الإنبات ،
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ١٣.
(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ١٠.
(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ٨.