الدنيا فليتهيأ لشديد العقاب .
قوله تعالى : والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة الخ ، تبديل الايمان بالتقوى في هذه الجملة لكون الايمان لا ينفع وحده لولا العمل .
* * *
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ـ ٢١٣ .
( بيان )
الآية تبيّن السبب في تشريع أصل الدين
وتكليف النوع الانساني به ، وسبب وقوع الاختلاف فيه ببيان : ان الانسان ـ وهو نوع مفطور على الاجتماع والتعاون ـ كان في أول اجتماعه امة واحدة ، ثم ظهر فيه بحسب الفطرة الاختلاف في اقتناء
المزايا الحيوية ، فاستدعى ذلك وضع قوانين ترفع الاختلافات الطارئة ، والمشاجرات في لوازم الحياة فألبست القوانين الموضوعة لباس الدين ، وشفّعت بالتبشير والانذار : بالثواب والعقاب ، وأُصلحت بالعبادات المندوبة اليها ببعث النبيين ، وإِرسال
المرسلين ، ثم اختلفوا في معارف الدين أو أُمور المبدء والمعاد ، فاختل بذلك أمر الوحدة
الدينية ، وظهرت الشعوب والاحزاب ، وتبع ذلك الاختلاف في غيره ، ولم يكن هذا الاختلاف الثاني إِلا بغياً من الذين أُوتوا الكتاب ، وظلماً وعتواً منهم بعد ما تبيّن لهم
أُصوله ومعارفه ، وتمت عليهم الحجة ، فالاختلاف اختلافان : اختلاف في أمر الدين مستند إِلى بغي الباغين دون فطرتهم وغريزتهم ، واختلاف في أمر الدنيا وهو فطري وسبب لتشريع الدين ، ثم هدى الله سبحانه المؤمنين إِلى الحق المختلف فيه بإذنه ، والله
يهدي