( تركبه من روح وبدن )
وقد أنشأ الله سبحانه هذا النوع ، حين ما أنشاء ، مركباً من جزئين ومؤلفاً من جوهرين ، مادة بدنية ، وجوهر مجرد هي النفس والروح ، وهما متلازمان ومتصاحبان ما دامت الحياة الدنيوية ، ثم يموت البدن ويفارقه الروح الحية ، ثم يرجع الانسان إِلى الله سبحانه ، قال تعالى : « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الانسان مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ » المؤمنون ـ ١٦ ، ( انظر الى موضع قوله ثم أنشأناه خلقاً آخر ) ، وفي هذا المعنى قوله تعالى : « فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ » ص ـ ٧٢ ، وأوضح من الجميع قوله سبحانه : « وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ » السجدة ـ ١١ ، فإِنه تعالى أجاب عن اشكالهم بتفرق الاعضاء والاجزاء واستهلاكها في الارض بعد الموت فلا تصلح للبعث بأن ملك الموت يتوفيهم ويضبطهم فلا يدعهم ، فهم غير أبدانهم ! فأبدانهم تضل في الارض لكنهم أي نفوسهم غير ضالة ولا فائتة ولا مستهلكة وسيجيء انشاء الله استيفاء البحث عما يعطيه القرآن في حقيقة الروح الانساني في المحل المناسب له .
( شعوره الحقيقي وارتباطه بالاشياء )
وقد خلق الله سبحانه هذا النوع ، وأودع
فيه الشعور ، وركب فيه السمع والبصر والفؤاد ، ففيه قوة الادراك والفكر ، بها يستحضر ما هو ظاهر عنده من الحوادث وما هو موجود في الحال وما كان وما سيكون ويؤل اليه امر الحدوث والوقوع ، فله إِحاطة مابجميع الحوادث ، قال تعالى : « عَلَّمَ الانسان مَا لَمْ يَعْلَمْ
» العلق ـ ٥ ، وقال تعالى : « وَاللَّهُ
أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ
السَّمْعَ