وشعرها ووبرها وقرنها وروثها ولبنها ونتاجها وجميع أفعالها ، ولا يقتصر على سائر الحيوان دون ان يستخدم سائر أفراد نوعه من الآدميين ، فيستخدمها كل استخدام ممكن ، ويتصرف في وجودها وافعالها بما يتيسر له من التصرف ، كل ذلك مما لا ريب فيه .
( كونه مدنياً بالطبع )
غير ان الانسان لما وجد ساير الافراد من نوعه ، وهم أمثاله ، يريدون منه ما يريده منهم ، صالحهم ورضى منهم ان ينتفعوا منه وزان ما ينتفع منهم ، وهذا حكمه بوجوب اتخاذ المدنية ، والاجتماع التعاوني ويلزمه الحكم بلزوم استقرار الاجتماع بنحو ينال كل ذي حق حقه ، ويتعادل النسب والروابط ، وهو العدل الاجتماعي .
فهذا الحكم أعني حكمه بالاجتماع المدني ، والعدل الاجتماعي إِنما هو حكم دعا اليه الاضطرار ، ولولا الاضطرار المذكور لم يقض به الانسان أبداً ، وهذا معنى ما يقال : إِن الانسان مدني بالطبع ، وإِنه يحكم بالعدل الاجتماعي ، فإِن ذلك أمر ولّده حكم الاستخدام المذكور اضطراراً على ما مر بيانه ، ولذلك كلما قوي إِنسان على آخر ضعف حكم الاجتماع التعاوني وحكم العدل الاجتماعي أثراً فلا يراعيه القوي في حق الضعيف ونحن نشاهد ما يقاسيه ضعفاء الملل من الامم القوية ، وعلى ذلك جرى التاريخ ايضاً إِلى هذا اليوم الذي يدعى أنه عصر الحضارة والحرية .
وهو الذي يستفاد من كلامه تعالى كقوله تعالى : « إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا » الاحزاب ـ ٧٢ ، وقوله تعالى : « إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا » المعارج ـ ١٩ ، وقوله تعالى : « إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ » إِبراهيم ـ ٣٤ ، وقوله تعالى : « إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ » العلق ـ ٧ .
ولو كان العدل الاجتماعي مما يقتضيه
طباع الانسان اقتضاء أولياً لكان الغالب على الاجتماعات في شئونها هو العدل ، وحسن تشريك المساعي ، ومراعاة التساوي ، مع ان المشهود دائماً خلاف ذلك ، وإِعمال القدرة والغلبة تحميل القوي العزيز
مطالبه