إِلا المعصية ، وعلى هذا فصدور الافعال عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بوصف الطاعة دائماً ليس إِلا لأن العلم الذي يصدر عنه فعله بالمشية صورة علمية صالحة غير متغيرة ، وهو الاذعان بوجوب العبودية دائماً ، ومن المعلوم أن الصورة العلمية والهيئة النفسانية الراسخة غير الزائلة هي الملكة النفسانية كملكة العفة والشجاعة والعدالة ونحوها ، ففي النبي ملكة نفسانية يصدر عنها أفعاله على الطاعة والانقياد وهي القوة الرادعة عن المعصية .
ومن جهة أُخرى النبي لا يخطیء في تلقي الوحي ولا في تبليغ الرسالة ففيه هيئة نفسانية لا تخطیء في تلقي المعارف وتبليغها ولا تعصي في العمل ولو فرضنا أن هذه الافعال وهي على وتيرة واحدة ليس فيها إِلا الصواب والطاعة تحققت منه من غير توسط سبب من الاسباب يكون معه ، ولا انضمام من شيء إِلى نفس النبي كان معنى ذلك أن تصدر أفعاله الاختيارية على تلك الصفة بإِرادة من الله سبحانه من غير دخالة للنبي عليهالسلام فيه ، ولازم ذلك إِبطال علم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإِرادته في تأثيرها في أفعاله وفي ذلك خروج الافعال الاختيارية عن كونها اختيارية ، وهو ينافي افتراض كونه فرداً من أفراد الانسان الفاعل بالعلم والارادة ، فالعصمة من الله سبحانه إِنما هي بإِيجاد سبب في الانسان النبي يصدر عنه أفعاله الاختيارية صواباً وطاعة وهو نوع من العلم الراسخ وهو الملكة كما مر .
( كلام في النبوة )
والله سبحانه بعد ما ذكر هذه الحقيقة ( وهي وصف إِرشاد الناس بالوحي ) في كلامه كثيراً عبر عن رجالها بتعبيرين مختلفين فيه تقسيمهم إِلى قسمين أو كالتقسيم : وهما الرسول والنبي ، قال تعالى : « وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ » الزمر ـ ٦٩ ، وقال تعالى : « يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ » المائدة ـ ١٠٩ ، ومعنى الرسول حامل الرسالة ، ومعنى النبي حامل النبأ ، فللرسول شرف الوساطة بين الله سبحانه وبين خلقه وللنبي شرف العلم بالله وبما عنده .
وقد قيل أن الفرق بين النبي والرسول بالعموم والخصوص المطلق فالرسول هو الذي يبعث فيؤمر بالتبليغ ويحمل الرسالة ، والنبي هو الذي يبعث سواء أمر بالتبليغ أم لم يؤمر .