وفي تفسير العياشي عن عبد الله بن الوليد قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : قال الله تعالى لموسى عليهالسلام : وكتبنا له في الالواح من كل شيء فعلمنا انه لم يكتب لموسى الشيء كله ، وقال تعالى لعيسى : لابين لكم بعض الذي تختلفون فيه ، وقال الله تعالى لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء .
اقول : وروي في بصائر الدرجات هذا المعنى عن عبد الله بن الوليد بطريقين ، وقوله عليهالسلام قال الله لموسى « الخ » إشارة الى ان قوله تعالى في الالواح من كل شيء يفسر قوله تعالى في حق التوراة : « وتفصيل كل شيء » اذ لو كان المراد به استيعاب البيان لجميع جهات كل شيء لم يصح قوله : في الالواح من كل شيء فهذا الكلام شاهد على أن المراد من تفصيل كل شيء تفصيله بوجه لا من جميع الجهات فافهم .
( بحث فلسفي )
مسألة النبوة العامة بالنظر إِلى كون النبوة نحو تبليغ للأحكام وقوانين مجعولة مشرّعة وهي أُمور اعتبارية غير حقيقية ، وإِن كانت مسألة كلامية غير فلسفية فإِن البحث الفلسفي إِنما ينال الاشياء من حيث وجوداتها الخارجية وحقائقها العينية ولا يتناول الامور المجعولة الاعتبارية .
لكنها بالنظر إِلى جهة أُخرى مسألة فلسفية وبحث حقيقي ، وذلك أن المواد الدينية : من المعارف الاصلية والاحكام الخلقية والعملية لها ارتباط بالنفس الانسانية من جهة أنها تثبت فيها علوماً راسخة أو احوالاً تؤدي الى ملكات راسخة ، وهذه العلوم والملكات تكون صوراً للنفس الانسانية تعين طريقها الى السعادة والشقاوة ، والقرب والبعد من الله سبحانه ، فإِن الإنسان بواسطة الاعمال الصالحة والإعتقادات الحقة الصادقة يكتسب لنفسه كمالات لا تتعلق الا بما هيء له عند الله سبحانه من القرب والزلفى ، والرضوان والجنان وبواسطة الاعمال الطالحة والعقائد السخيفة الباطلة يكتسب لنفسه صوراً لا تتعلق إِلا بالدنيا الداثرة وزخارفها الفانية ويؤديها ذلك أن ترد بعد مفارقة الدنيا وانقطاع الاختيار الى دار البوار ومهاد النار وهذا سير حقيقي .