بوقوع حادثة هي الموجبة للسؤال وان هناك قتلاً ، وانه إِنما وقع خطأ لقوله تعالى في آخر الآيات « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ » الآية ، فهذه قرائن على وقوع قتل في الكفار خطأ من المؤمنين في الشهر الحرام في قتال واقع بينهم ، وطعن الكفار به ، ففيه تصديق لما ورد في الروايات من قصة عبد الله بن جحش وأصحابه .
قوله تعالى : قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام ، الصد هو المنع والصرف ، والمراد بسبيل الله العبادة والنسك وخاصة الحج ، والظاهر ان ضمير به راجع إِلى السبيل فيكون كفراً في العمل دون الاعتقاد ، والمسجد الحرام عطف على سبيل الله اي صد عن سبيل الله وعن المسجد الحرام .
والآية تدل على حرمة القتال في الشهر الحرام ، وقد قيل : إِنها منسوخة بقوله تعالى : « فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ » التوبة ـ ٦ ، وليس بصواب ، وقد مر بعض الكلام في ذلك في تفسير آيات القتال .
قوله تعالى : وإِخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ، أي والذي فعله المشركون من إِخراج رسول الله والمؤمنين من المهاجرين ، وهم أهل المسجد الحرام ، منه اكبر من القتال ، وما فتنوا به المؤمنين من الزجر والدعوة إِلى الكفر أكبر من القتل ، فلا يحق للمشركين ان يطعنوا المؤمنين وقد فعلوا ما هو أكبر مما طعنوا به ، ولم يكن المؤمنون فيما اصابوه منهم إِلا راجين رحمة الله والله غفور رحيم .
قوله تعالى : ولا يزالون يقاتلونكم إِلى آخر الآية حتى للتعليل أي ليردوكم .
قوله تعالى : ومن يرتدد منكم عن دينه « الخ » ، تهديد للمرتد بحبط العمل وخلود النار .
( كلام في الحبط )
والحبط هو بطلان العمل وسقوط تأثيره ،
ولم ينسب في القرآن إِلا إِلى العمل كقوله تعالى : « لَئِنْ
أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
» الزمر ـ ٦٥ ،