إِلى غير ذلك فهذا معنى نقل الطاعات ، فليس فيه إِلا أنه كني بالطاعة عن ثوابها كما يكنى بالسبب عن المسبب ، وسمى إِثبات الوصف في محل وابطال مثله في محل آخر بالنقل ، وكل ذلك شائع في اللسان ، معلوم بالبرهان لو لم يرد الشرع به فكيف إِذا ورد ، انتهى ملخصاً .
أقول : محصل ما أفاده أن اطلاق النقل على ما يعامله الله سبحانه في حق اي القاتل والمقتول استعارة في استعارة أعني : استعارة اسم الطاعة لأثر الطاعة في القلب واستعارة اسم النقل لإمحاء شيء واثبات شيء آخر في محل آخر ، وإِذا إِطرّد هذا الوجه في سائر احكام الأعمال المذكورة عادت جميع هذه الأحكام مجازات ، وقد عرفت انه سبحانه قرر هذه الاحكام على ما يراه العقل العملي الاجتماعي ، ويبني عليه احكامه من المصالح والمفاسد ، ولا ريب ان هذه الاحكام العقلية إِنما تصدر من العقل باعتقاد الحقيقة ، فيؤاخذ القاتل مثلاً بجرم المقتول او يتحف المقتول او ورثته بحسنة القاتل وما يشبه ذلك باعتقاد ان الجرم عين الجرم والحسنة عين الحسنة وهكذا .
هذا حال هذه الأحكام في ظرف الاجتماع الذي هو موطن احكام العقل العملي ، واما بالنسبة الى غير هذا الظرف وهو ظرف الحقائق فالجميع مجازات الا بحسب التحليل بمعنى ان نفس هذه المفاهيم لما كانت مفاهيم اعتبارية مأخوذة من الحقائق المأخوذة على نحو الدعوى والتشبيه كانت جميعها مجازات إِذا قيست الى تلك الحقائق المأخوذة منها فافهم ذلك .
ومن احكام الأعمال : انها محفوظة مكتوبة متجسمة كما قال تعالى : « يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا » آل عمران ـ ٣٠ ، وقال تعالى : « وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا » الإسراء ـ ١٣ ، وقال تعالى : « وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِين » يس ـ ١٢ ، وقال تعالى : « لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ » ق ـ ٢٢ ، وقد مر البحث عن تجسم الأعمال .
ومن
احكام الاعمال :
ان بينها وبين الحوادث الخارجية ارتباطاً ، ونعني بالاعمال