موجود ، وهو بعينه قول له تعالى لدلالته بوجوده على خصوص إرادته سبحانه فإِن من المعلوم انه إِذا أراد شيئاً فقال له كن فكان ليس هناك لفظ متوسط بينه تعالى وبين الشيء ، وليس هناك غير نفس وجود الشيء ، فهو بعينه مخلوق وهو بعينه قوله ، كن ، فقوله في التكوينيات نفس الفعل وهو الإيجاد وهو الوجود وهو نفس الشيء .
وأما في غير التكوينيات كمورد الانسان مثلاً فبإيجاده تعالى أمراً يوجب علماً باطنياً في الإنسان بأن كذا كذا ، وذلك إِما بإِيجاد صوت عند جسم من الاجسام ، أو بنحو آخر لا ندركه ، أو لا ندرك كيفية تأثيره في نفس النبي بحيث يوجد معه علم في نفسه بأن كذا كذا على حد ما مر في الكلام .
وكذلك القول في قوله تعالى للملائكة أو الشيطان ، لكن يختص هذان النوعان وما شابههما لو كان لهما شبيه بخصوصية ، وهي ان الكلام والقول المعهود فيما بيننا إِنما هو باستخدام الصوت أو الإشارة بضميمة الاعتبار الوضعي الذي يستوجبه فينا فطرتنا الحيوانية الاجتماعية ، ومن المعلوم ( على ما يعطيه كلامه تعالى ) ان الملك والشيطان ليس وجودهما من سنخ وجودنا الحيواني الاجتماعي وليس في وجودهما هذا التكامل التدريجي العلمي الذي يستدعي وضع الامور الاعتبارية .
ويظهر من ذلك : ان ليس فيما بين الملائكة ولا فيما بين الشياطين هذا النوع من التفهيم والتفهم الذهني المستخدم فيه الاعتبار اللغوي والاصوات المؤلفة الموضوعة للمعاني ، وعلى هذا فلا يكون تحقق القول فيما بينهم أنفسهم نظير تحققه فيما بيننا أفراد الانسان بصدور صوت مؤلف تأليفاً لفظياً وضعياً من فم مشقوق ينضم اليه أعضاء فعالة للصوت من واحد ، والتأثر من ذلك بإِحساس أُذن مشقوق ينضم اليها أعضاء آخذة للصوت المقروع من واحد آخر وهو ظاهر ، لكن حقيقة القول موجودة فيما بين نوعيهما بحيث يترتب عليه أثر القول وخاصته وهو فهم المعنى المقصود وإِدراكه فبين الملائكة أو الشياطين قول لا كنحو قولنا ، وكذا بين الله سبحانه وبينهم قول لا بنحو إِيجاد الصوت واللفظ الموضوع وإِسماعه لهم كما سمعت .
وكذلك القول في ما ينسب الى نوع
الحيوانات العجم من القول في القرآن الكريم كقوله تعالى : « قَالَتْ
نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ
» النمل ـ ١٨ ،