وهو المسمى بالحياة ويسمى بطلانه بالموت ، فالحياة نحو وجود يترشح عنه العلم والقدرة .
وقد ذكر الله سبحانه هذه الحياة في كلامه ذكر تقرير لها ، قال تعالى : « اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا » الحديد ـ ١٧ ، وقال تعالى : « أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ » فصلت ـ ٣٩ ، وقال تعالى : « وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ » الفاطر ـ ٢٢ ، وقال تعالى : « وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ » الانبياء ـ ٣٠ ، فهذه تشمل حياة أقسام الحي من الانسان والحيوان والنبات .
وكذلك القول في اقسام الحياة ، قال تعالى : « وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا » يونس ـ ٧ ، وقال تعالى : « رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ » المؤمن ـ ١١ ، والاحيائان المذكوران يشتملان على حياتين : إِحداهما : الحياة البرزخية ، والثانية : الحياة الآخرة ، فللحياة أقسام كما للحي أقسام .
والله سبحانه مع ما يقرر هذه الحياة الدنيا يعدها في مواضع كثيرة من كلامه شيئاً ردياً هيناً لا يعبأ بشأنه كقوله تعالى : « وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ » الرعد ـ ٢٦ ، وقوله تعالى : « تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا » النساء ـ ٩٤ ، وقوله تعالى : « تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا » الكهف ـ ٢٨ ، وقوله تعالى : « وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ » الانعام ـ ٣٢ ، وقوله تعالى : « وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ » الحديد ـ ٢٠ ، فوصف الحياة الدنيا بهذه الاوصاف فعدها متاعاً والمتاع ما يقصد لغيره ، وعدها عرضاً والعرض ما يعترض ثم يزول ، وعدها زينة والزينة هو الجمال الذي يضم على الشيء ليقصد الشيء لاجله فيقع غير ما قصد ويقصد غير ما وقع ، وعدها لهواً واللهو ما يلهيك ويشغلك بنفسه عما يهمك ، وعدها لعباً واللعب هو الفعل الذي يصدر لغاية خيالية لا حقيقية ، وعدها متاع الغرور وهو ما يغر به الانسان .
ويفسر جميع هذه الآيات ويوضحها قوله
تعالى : « وَمَا
هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
» العنكبوت ـ ٦٤ ، يبين ان الحياة الدنيا إِنما تسلب عنها حقيقة الحياة أي كمالها في مقابل ما تثبت للحياة الآخرة
حقيقة الحياة وكمالها ، وهي الحياة التي لا موت بعدها ، قال تعالى : « آمِنِينَ لَا
يَذُوقُونَ فِيهَا