الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ » الدخان ـ ٥٦ ، وقال تعالى : « لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ » ق ـ ٣٥ ، فلهم في حياتهم الآخرة أن لا يعتريهم الموت ، ولا يعترضهم نقص في العيش وتنغص ، لكن الاول من الوصفين أعني الامن هو الخاصة الحقيقة للحياة الضرورية له .
فالحياة الاخروية هي الحياة بحسب الحقيقة لعدم إِمكان طرو الموت عليها بخلاف الحياة الدنيا ، لكن الله سبحانه مع ذلك أفاد في آيات اخر كثيرة انه تعالى هو المفيض للحياة الحقيقية الاخروية والمحيي للانسان في الآخرة ، وبيده تعالى أزمة الامور ، فأفاد ذلك ان الحياة الاخروية أيضاً مملوكة لا مالكة ومسخرة لا مطلقة أعني انها إِنما ملكت خاصتها المذكورة بالله لا بنفسها .
ومن هنا يظهر ان الحياة الحقيقية يجب ان تكون بحيث يستحيل طرو الموت عليها لذاتها ولا يتصور ذلك إِلا بكون الحياة عين ذات الحي غير عارضة لها ولا طارئة عليها بتمليك الغير وإِفاضته ، قال تعالى : « وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ » الفرقان ـ ٥٨ ، وعلى هذا فالحياة الحقيقية هي الحياة الواجبة ، وهي كون وجوده بحيث يعلم ويقدر بالذات .
ومن هنا يعلم : ان القصر في قوله تعالى : « هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ » قصر حقيقي غير إِضافي ، وان حقيقة الحياة التي لا يشوبها موت ولا يعتريها فناء وزوال هي حياته تعالى .
فالاوفق فيما نحن فيه من قوله تعالى : الله لا إِله إِلا هو الحي القيوم الآية ، وكذا في قوله تعالى : « الم اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ » آل عمران ـ ١ ، ان يكون لفظ الحي خبراً بعد خبر فيفيد الحصر لان التقدير ، الله الحي فالآية تفيد ان الحياة لله محضاً إِلا ما أفاضه لغيره .
واما اسم القيوم فهو على ما قيل : فيعول كالقيام فيعال من القيام وصف يدل على المبالغة والقيام هو حفظ الشيء وفعله وتدبيره وتربيته والمراقبة عليه والقدرة عليه ، كل ذلك مأخوذ من القيام بمعنى الانتصاب للملازمة العادية بين الانتصاب وبين كل منها .
وقد اثبت الله تعالى اصل القيام بامور
خلقه لنفسه في كلامه حيث قال تعالى :