فلان يجهده حمل عشرين بل عشرة ولا يصح العكس ، بل المراد هو صحة الترقي وهي مختلفة بحسب الموارد ، ولما كان أخذ النوم أقوى تأثيراً وأضر على القيومية من السنة كان مقتضى ذلك ان ينفى تأثير السنة وأخذها أولاً ثم يترقى إِلى نفي تأثير ما هو أقوى منه تأثيراً ، ويعود معنى لا تأخذه سنة ولا نوم إِلى مثل قولنا : لا يؤثر فيه هذا العامل الضعيف بالفتور في امره ولا ما هو أقوى منه .
قوله تعالى : له ما في السماوات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده إِلا بإِذنه لما كانت القيومية التامة التي له تعالى لا تتم إِلا بأن يملك السماوات والارض وما فيهما بحقيقة الملك ذكره بعدهما ، كما ان التوحيد التام في الالوهية لا يتم إِلا بالقيومية ، ولذلك ألحقها بها ايضاً .
وهاتان جملتان كل واحدة منهما مقيدة أو كالمقيدة بقيد في معنى دفع الدخل ، أعني قوله تعالى : له ما في السماوات وما في الارض ، مع قوله تعالى : من ذا الذي يشفع عنده إِلا بإِذنه ، وقوله تعالى : يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ، مع قوله تعالى : ولا يحيطون بشيء من علمه إِلا بما شاء .
فأما قوله تعالى : له ما في السماوات وما في الارض ، فقد عرفت معنى ملكه تعالى ( بالكسر ) للموجودات وملكه تعالى ( بالضم ) لها ، والملك بكسر الميم وهو قيام ذوات الموجودات وما يتبعها من الاوصاف والآثار بالله سبحانه هو الذي يدل عليه قوله تعالى : له ما في السماوات وما في الارض ، فالجملة تدل على ملك الذات وما يتبع الذات من نظام الآثار .
وقد تم بقوله : القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض ان السلطان المطلق في الوجود لله سبحانه لا تصرف إِلا وهو له ومنه ، فيقع من ذلك في الوهم انه إِذا كان الامر على ذلك فهذه الاسباب والعلل الموجودة في العالم ما شأنها ؟ وكيف يتصور فيها ومنها التأثير ولا تأثير إِلا لله سبحانه ؟
فاجيب بأن تصرف هذه العلل والاسباب في
هذه الموجودات المعلولة توسط في التصرف ، وبعبارة اخرى شفاعد في موارد المسببات بإِذن الله سبحانه ، فإِنما هي شفعاء ، والشفاعة ـ وهي بنحو توسط في ايصال الخير أو دفع الشر ، وتصرف ما