* * *
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ـ ٢٥٦ . اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ـ ٢٥٧ .
( بيان )
قوله تعالى : لا إِكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ، الاكراه هو الاجبار والحمل على الفعل من غير رضى ، والرشد بالضم والضمتين : إِصابة وجه الامر ومحجة الطريق ويقابله الغي ، فهما أعم من الهدى والضلال ، فإِنهما إِصابة الطريق الموصل وعدمها على ما قيل ، والظاهر ان استعمال الرشد في اصابة محجة الطريق من باب الانطباق على المصداق ، فإِن اصابة وجه الامر من سالك الطريق ان يركب المحجة وسواء السبيل ، فلزومه الطريق من مصاديق اصابة وجه الامر ، فالحق ان معنى الرشد والهدى معنيان مختلفان ينطبق أحدهما بعناية خاصة على مصاديق الآخر وهو ظاهر ، قال تعالى : « فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا » النساء ـ ٦ ، وقال تعالى : « وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ » الانبياء ـ ٥١ ، وكذلك القول في الغي والضلال ، ولذلك ذكرنا سابقاً : ان الضلال هو العدول عن الطريق مع ذكر الغاية والمقصد ، والغي هو العدول مع نسيان الغاية فلا يدري الانسان الغوي ماذا يريد وماذا يقصد .
وفي قوله تعالى : لا اكراه في الدين ،
نفي الدين الاجباري ، لما أن الدين وهو سلسلة من المعارف العلمية التي تتبعها أُخرى عملية يجمعها أنها اعتقادات ،
والاعتقاد والايمان من الامور القلبية التي لا يحكم فيها الاكراه والاجبار ، فإِن الاكراه
انما يؤثر في