الله الملك ، يعود الى ابراهيم عليهالسلام ، والمراد بالملك ملك ابراهيم كما قال تعالى : « أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا » النساء ـ ٥٤ ، لا ملك نمرود لكونه ملك جور ومعصية لا يجوز نسبته الى الله سبحانه .
ففيه أولاً : ان القرآن ينسب هذا الملك وما في معناه كثيراً اليه تعالى كقوله حكاية عن مؤمن آل فرعون : « يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ » المؤمن ـ ٢٩ ، وقوله تعالى حكاية عن فرعون ـ وقد امضاه بالحكاية ـ : « يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ » الزخرف ـ ٥١ ، وقد قال تعالى : « لَهُ الْمُلْكُ » التغابن ـ ١ ، فقصر كل الملك لنفسه فما من ملك الا وهو منه تعالى ، وقال تعالى حكايه عن موسى عليهالسلام : « رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً » يونس ـ ٨٨ ، وقال تعالى في قارون : « وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ » القصص ـ ٧٦ ، وقال تعالى خطاباً لنبيه : « ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا » ـ الى ان قال ـ : « وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ » المدثر ـ ١٥ ، الى غير ذلك .
وثانياً : ان ذلك لا يلائم ظاهر الآية فإِن ظاهرها أن نمرود كان ينازع ابراهيم في توحيده وإِيمانه لا انه كان ينازعه ويحاجه في ملكه ، فإِن ملك الظاهر كان لنمرود ، وما كان يرى لابراهيم ملكاً حتى يشاجره فيه .
وثالثاً : ان لكل شيىء نسبة إِلى الله سبحانه والملك من جملة الاشياء ولا محذور في نسبته اليه تعالى وقد مر تفصيل بيانه .
قوله
تعالى : قال ابراهيم ربي الذي يحيي ويميت ،
الحياة والموت وإِن كانا يوجدان في غير جنس الحيوان ايضاً كالنبات ، وقد صدقه القرآن كما مر بيانه في تفسير آية الكرسي ، لكن مراده عليهالسلام
منهما اما خصوص الحياة والممات الحيوانيين أو الاعم الشامل له لإطلاق اللفظ ، والدليل على ذلك قول نمرود : أنا أُحيي وأُميت ، فإِن هذا
الذي ادعاه لنفسه لم يكن من قبيل إِحياء النبات بالحرث والغرس مثلاً ، ولا احياء الحيوان بالسفاد والتوليد مثلاً ، فإِن ذلك وأشباهه كان لا يختص به بل يوجِد في
غيره
( ٢ ـ الميزان ـ ٢٣ )