سوءا صرفه بهم ، وأنّهم نجوم الشيعة يكشف الله بهم كلّ بدعة ، وأنّهم ينفون عن الدين انتحال المبطلين وتأويل الغالين ، صلوات الله عليهم أحياء وأمواتا ، إلى غير ذلك من المدائح (١) ، فكيف مثل هؤلاء كانوا يتركون الجمعة مع كونهم الرواة لوجوبها كرّاتا ومرّاتا؟ إلى غير ذلك ممّا ذكرنا.
والبناء على أنّ تركهم كان تقيّة ينافي الحثّ على فعلها ، بل الشيعة زهّادهم وعبّادهم كانوا حريصين على ترك التقيّة ، بل وعدولهم فضلا عن غيرهم ، وكان الأئمّة عليهالسلام حريصين على ترك التقيّة ، بل وعدولهم فضلا عن غيرهم ، وكان الأئمّة عليهالسلام حريصين على أمرهم بالتقيّة ، وكانوا يشكون عنهم في مخالفتهم للتقيّة ، فكيف صار الأمر في المقام بالعكس؟
مع أنّ زرارة ونظراءه في غاية الفقاهة والعدالة وغيرهما ممّا أشرنا إليه ، وكانوا عارفين بالتقيّة ووقت التقيّة ، وكانوا يلاحظون مقام عدم التقيّة ومكان التقيّة ، فلو كان تركهم للتقيّة فكان لخوفهم على أنفسهم ، والتقيّة صاحبها أبصر بها وأعرف ، كما في الأخبار (٢) ، فكيف كان عليهالسلام يأمر أمثال هؤلاء بخلاف ما كان يأمر شيعتهم ويصرّح بأنّ التقيّة موكولة إلى معرفة صاحب التقيّة وهو أبصر بها؟ والعمل في الشرع في التقيّة على ما ذكر بلا تأمّل ، كما لا يخفى على المطّلع بالأخبار والفتاوى وطريقة الشيعة في الأعصار والأمصار وطريقة سلوك الأئمّة معهم وأمرهم بها.
مع أنّه عليهالسلام على فرض أن يكون في خصوص المقام مخالفا للطريقة المعهودة الثابتة بأنّه كان يعلم من باب المعجزة أنّه ما كان تقيّة لهم وخوفهم كان عبثا لا بحسب الحال ولا بحسب المآل لكان يقول لزرارة وغيره هذا المعنى فقط ، ولا معنى للحثّ والترغيب وغير ذلك ممّا عرفت.
__________________
(١) رجال الكشي ١ : ٣٤٨ / ٢٢٠ ، والوسائل ٢٧ : ١٤٥ أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ٢٥.
(٢) الوسائل ٢٣ : ٢٢٥ ، ٢٢٧ أبواب الأيمان ب ١٢ ح ٧ ، ١٥.