بمتفطّنين مستحضرين ، بل في الغالب يكونون غافلين غير مستحضرين ، بل لا يمكنهم عادة التحفّظ والاستحضار حين الفعل بالنسبة إلى كلّ واحد واحد من الأجزاء ، فلو التفتوا إليها يحصل لهم الشكّ بدارا ومن أوّل الأمر ، ولا يكون لهم العلم الحضوري ، نعم بعد التروّي وقليل من التأمّل يظهر لهم حقيقة الحال أو يحصل لهم الظنّ بالحال أو يبقى شكّهم على حاله ويستقرّ ، ولعل المتبادر من الأخبار هو هذا الشكّ أي الباقي على حاله المستقرّ ، لا الذي عرض غفلة وبدارا ومن أوّل الأمر ، وفي الغالب يتبدّل ويتغيّر بتوجّه النفس والتفاتها وتأمّلها.
مع أنّه لو كان هذا معتبرا يلزم الحرج والعسر في الدين ، لو لم نقل بلزوم تكليف ما لا يطاق.
( وأيضا على هذا ربما يلزم أن يكون كلّ المكلفين كثيري الشكّ ، وأنّه يجب عليهم العمل بمقتضى كثرة الشكّ.
وأيضا إذا كان المكلف يعلم بحسب العادة أنّ هذا الشكّ العارض بدارا يزول في الغالب ويظهر عليه حقيقة الحال أو الظنّ به المعلوم حكمه فكيف يجيء ويسأل المعصوم عن حكمه وعن العلاج فيه؟ مع أنّ العلاج غالبا يكون بيده ، ورفع الشكّ يحصل منه من دون حصول سكوت طويل يخرج عن الصلاة ، إذ ظاهر أنّ سؤاله من جهة تحصيل العلاج ) (١).
وأيضا إذا كان يدري أنّه بعد هذا الشكّ يظهر الحال في الغالب فكيف يبنى على أحكام الشكّ من إبطال الصلاة وهو حرام إلاّ في ما لا علاج ، أو أصل العدم فيفعل؟ مع أنّه ربما كان ركنا فيبطل صلاته ، أو
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « ا ».