في النصف من رجب ، والأوّل هو المشهور ، واتّفق المؤرّخون من الفريقين على أن وفاته كانت عام ١٤٨ كما قلنا.
كما اتّفق مؤلفو الشيعة على أن المنصور اغتاله بالسمّ على يد عامله بالمدينة ، وقيل أن السّم كان في عنب كما ذكر ذلك الكفعمي في المصباح.
وذكر بعض أهل السنّة أيضا موته بالسمّ ، كما في « إسعاف الراغبين » و « نور الأبصار » و « تذكرة الخواص » و « الصواعق المحرقة » وغيرها.
ولمّا كاد أن يلفظ النفس الأخير من حياته أمر أن يجمعوا له كلّ من بينه وبينهم قرابة ، وبعد أن اجتمعوا عنده فتح عينيه في وجوههم فقال مخاطبا لهم :
إن شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة (١).
وهذا يدلّنا على عظم اهتمام الشارع الأقدس بالصلاة ، فلم تشغل إمامنا عليهالسلام ساعة الموت عن هذه الوصيّة ، وما ذاك إلاّ لأنه الإمام الذي يهمّه أمر الامّة وإرشادها الى الصلاح حتّى آخر نفس من حياته ، وكانت الصلاة أهم ما يوصي به ويلفت إليه.
وأحسب إنما خصّ أقرباءه بهذه الوصيّة ، لأن الناس ترتقب منهم الإصلاح والإرشاد فيكون تبليغ هذه الوصيّة على ألسنتهم أنفذ ، ولأنهم عترة الرسول فعسى أن يتوهّموا أن قربهم من النبي وسيلة للشفاعة بهم وإن تسامحوا في بعض أحكام الشريعة ، فأراد الصادق أن يلفتهم الى أن القرب لا ينفعهم ما لم يكونوا
__________________
(١) بحار الأنوار : ٤٧ / ٢ / ٥ ، محاسن البرقي : ١ / ٨٠.