روضات الجنّات مع أولياء الله ، إن معرفة الله عزّ وجل أنس من كلّ وحشة ، وصاحب من كلّ وحدة ، ونور من كلّ ظلمة ، وقوّة من كلّ ضعف ، وشفاء من كلّ سقم ».
ثمّ قال عليهالسلام : « قد كان قبلكم قوم يقتلون ويحرقون وينشرون بالمناشير ، وتضيق عليهم الأرض برحبها فما يردهم عمّا عليه شيء ممّا هم فيه ، من غير ترة وتروا من فعل ذلك بهم ولا أذى ، بل ما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ، فاسألوا درجاتهم ، واصبروا على نوائب دهركم تدركوا سعيهم » (١).
إنّه عليهالسلام يصف المعرفة كمن ذاقها ، فيحبّذ هذا الطعم الشهي للناس ، ونحن لاسترسالنا في الغفلة لا نعرف ذلك المذاق ، سوى أننا نفقه أن من اتّجه الى معرفة الله تعالى ودنا من حظيرة القدس شبرا بعد عن متاع هذا الوجود ميلا ، وكلّما تجرّد عن زخرف هذا الوجود استزهد ما دون معرفة واجب الوجود.
إنّ الله سبحانه جمع بين العظمة والرأفة ، وبين الغضب والرضى ، فعلى سعة رحمته عظيم سخطه ، وعلى جزيل ثوابه كبير عقابه ، ومن كانت رحمته واسعة كان الأمل بشمولها للمجرم قريبا ، ومن كان عقابه شديدا كان الخوف من سخطه أكيدا ، فلا بدّ للمؤمن إذن أن يكون دائما بين الخوف والرجاء ، لأنه لا يدري بأيّة زلّة يؤخذ فيكتب في ديوان المجرمين ، ولا يعلم على أيّة حسنة يثاب
__________________
(١) الكافي : ٨ / ٢٠٧ / ٣٤٧.