وتوفي محمّد بن جعفر في خراسان فركب المأمون ليشهده فلقيهم وقد خرجوا به ، فلمّا نظر الى السرير نزل فترجّل ومشى حتّى دخل بين العمودين فلم يزل بينهما حتّى وضع ، فتقدّم وصلّى عليه ، ثمّ حمله حتّى بلغ به القبر ، ثمّ دخل قبره فلم يزل فيه حتّى بني عليه ، ثمّ خرج فقام على القبر حتّى دفن ، فقال له عبد الله ابن الحسين ودعا له : يا أمير المؤمنين إنك قد تعبت اليوم فلو ركبت ، فقال المأمون : إن هذه رحم قطعت من مائتي سنة.
وكان عليه دين كثير فأراد إسماعيل بن محمّد اغتنام هذه الفرصة من المأمون ليسأله قضاء دينه ، فقال لأخيه وهو الى جنبه والمأمون قائم على القبر : لو كلّمناه في دين الشيخ ، فلا نجده أقرب منه في وقته هذا ، فابتدأهم المأمون فقال : كم ترك أبو جعفر من الدين؟ فقال له إسماعيل : خمسة وعشرين ألف دينار ، فقال له : قد قضى الله عنه دينه ، الى من أوصى؟ فقالوا له : الى ابن له يقال له يحيي بالمدينة ، فقال : ليس هو بالمدينة هو بمصر ، وقد علمنا بكونه فيها ولكن كرهنا أن نعلمه بخروجه من المدينة لئلاّ يسوؤه ذلك ، لعلمه بكراهتنا لخروجه عنها (١)
بلغ علي بن جعفر من الجلالة شأوا لا يلحق ، ومن الفضل محلاّ لا يسبق ، وأمّا حديثه وثقته فيه ، فهو ممّا لا يختلف فيه اثنان ، ومن سبر كتب الحديث عرف ما له من أخبار جمّة يرويها عن أخيه الكاظم عليهالسلام تكشف عن علم ومعرفة.
__________________
(١) إرشاد الشيخ المفيد طاب ثراه : ٢٨٧.