ابن عبد الرحمن وكانا في السجن فوهبهما الله لي وخلّى سبيلهما » وقوله وكان عنده سدير : « إن الله اذا أحبّ عبدا غته (١) بالبلاء غتا ، وإنا وإيّاكم يا سدير لنصبح به ونمسي » فاستيهابه من الله دلالة على كبر منزلة عنده وتقدير له ، وكفى بعلوّ درجته أنه ممّن يحبّه الله ويغمره بألطاف بلائه ، الى ما سوى ذلك من الأحاديث.
أبو محمّد سليمان بن مهران الاعمش الأسدي الكوفي ، اتفقت الخاصّة والعامّة على وثاقته وفضله وجلالته ، وقد أثنى العامّة عليه الثناء الجميل ، واعترفوا له بالمزايا الحميدة مع اعترافهم بتشيّعه ، فهذا الذهبي في ميزان الاعتدال يقول : « أبو محمّد أحد الأئمة الثقات عداده في صغار التابعين » ويقول : « فالأعمش عدل صادق ثبت ، صاحب سنّة وقرآن » الى غيره من مؤلّفي الرجال والتراجم.
وكان راوية لفضائل أمير المؤمنين عليهالسلام ، حتّى أن الخاصّة والعامّة روت أن المنصور سأله : كم تحفظ من الحديث في فضائل علي عليهالسلام؟ قال له : عشرة آلاف حديث ، وفي بعض الروايات على بعض النسخ أو ألف حديث ، ولعلّ هذا الترديد منه كان حذرا من المنصور لعلمه بما يحقده على أولاد علي عليهالسلام ، ولمّا انتبه المنصور لقصد الأعمش من الترديد أراد أن يطمئنّه عمّا اختلج في نفسه ، فقال له : بل عشرة آلاف كما قلت أوّلا.
قيل : إن ولادته كانت سنة قتل الحسين عليهالسلام وهي سنة ٦١ ،
__________________
(١) الغت يأتي لمعان أظهرها في المقام ـ الغط.