ثمّ قال عليهالسلام : يا ابن جندب ، صل من قطعك ، واعط من حرمك ، وأحسن الى من أساء إليك ، وسلّم على من سبّك ، وانصف من خاصمك ، واعف عمّن ظلمك كما أنك تحبّ أن يعفي عنك ، فاعتبر بعفو الله عنك ، ألا ترى أن شمسه أشرقت على الأبرار والفجّار ، وأن قطره ينزل على الصالحين والخاطئين.
يا ابن جندب ، الاسلام عريان فلباسه الحياء ، وزينته الوقار ، ومروّته العمل الصالح ، وعماده الورع ، ولكلّ شيء أساس وأساس الاسلام حبّنا أهل البيت (١).
أقول : ما أجمع هذه الوصيّة لجلائل الحكم ونفائس المواعظ ، ولا تمرّ عليك وصيّة ولا عظة إلاّ وحسبت عندها منتهى البلاغة وأقصى التذكير والتنبيه ، وتقول : هل وراءها من قول ، وإن أمثال هذه الوصايا جديرة بالتعليق والشرح إلاّ انّ ذلك أبعد عن الغاية ، فنوكل التدبّر بها الى القارئ الكريم.
قال عبد الله بن سليمان النوفلي : كنت عند جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ، فاذا بمولى لعبد الله النجاشي ورد عليه فسلّم وأوصل إليه كتابا ففضّه وقرأه ، فاذا أوّل سطر فيه.
بسم الله الرحمن الرحيم ، أطال الله بقاء سيّدي وجعلني من كلّ سوء فداه ، إني بليت بولاية الأهواز فإن رأى سيّدي أن يحدّ لي حدّا أو يمثل لي مثلا لأستدلّ
__________________
(١) بحار الأنوار : ٧٨ / ٢٧٩ / ١.
(٢) في نفس الكتاب : ١ / ٢٦٠.