نقتطف من وصيّته لمؤمن الطاق زهرا غضّة ، قال عليهالسلام : يا ابن النعمان إيّاك والمراء فإنه يحبط عملك ، وإيّاك والجدال فإنه يوبقك ، وإيّاك وكثرة الخصومات فإنها تبعد من الله ، إن من كان قبلكم يتعلّمون الصمت وأنتم تتعلّمون الكلام ، كان أحدهم اذا أراد التعبّد يتعلّم الصمت قبل ذلك بعشر سنين ، فإن كان يحسنه ويصير عليه تعبّد ، وإلاّ قال : ما أنا لما أروم بأهل ، إنما ينجو من أطال الصمت عن الفحشاء ، وصبر في دولة الباطل على الأذى ، اولئك النجباء الأصفياء الأولياء حقا وهم المؤمنون ، والله لو قدّم أحدكم ملء الأرض ذهبا على الله ثمّ حسد مؤمنا لكان ذلك الذهب ممّا يكوى به في النار.
يا ابن النعمان من سئل عن علم فقال : لا ادري فقد ناصف العلم ، والمؤمن يحسد في مجلسه فإذا قام ذهب عنه الحقد.
يا ابن النعمان إن أردت أن يصفو لك ودّ أخيك فلا تمازحنّه ولا تمارينّه ولا تباهينّه ولا تشارنّه (٢) ولا تطلع صديقك من سرّك إلاّ على ما لو اطّلع عليه عدوّك لم يضرّك ، فإن الصديق قد يكون عدوّك يوما.
يا ابن النعمان ليست البلاغة بحدّة اللسان ، ولا بكثرة الهذيان ، ولكنها أصابة المعنى وقصد الحجّة (٣).
قال عليهالسلام : يا حمران انظر الى من هو دونك ، ولا تنظر إلى من هو
__________________
(١) محمد بن النعمان الصيرفي الكوفي ، وسنذكره في المشاهير ، وقد كتبت فيه رسالة مستقلّة.
(٢) تخاصمنه.
(٣) البحار : ٧٨ / ٢٩٢.
(٤) سنذكره في المشاهير من رواته.