فكادت ترجع إليه ، وكان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : « قلّما أدبر شيء فأقبل » (١) وعلّمهم كيف يحافظون على النعم فقال لسدير الصيرفي : ما كثر مال رجل قط إلاّ عظمت الحجّة لله تعالى عليه ، فإن قدرتم أن تدفعوها فافعلوا ، فقال : يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما ذا؟ قال عليهالسلام : بقضاء حوائج اخوانكم من أموالكم ، ثمّ قال : تلقّوا النعم يا سدير بحسن مجاورتها ، واشكروا من أنعم عليكم ، وأنعموا على من شكركم ، فإنكم اذا كنتم كذلك استوجبتم من الله الزيادة ومن إخوانكم المناصحة. ثمّ تلا قوله : « ولئن شكرتم لأزيدنكم » (٢).
ومن طرق الشكر أن يتظاهر العبد بما أفاض المولى سبحانه عليه من سوابغ النعم ، ومن ثمّ تجد الامام المرشد أبا عبد الله عليهالسلام يلفتنا الى هذه الخلّة الحميدة فيقول : إن الله يحبّ الجمال والتجمّل ، ويكره البؤس والتباؤس ، فان الله عزّ وجلّ اذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يرى عليه أثرها ، قيل : وكيف ذلك؟ قال عليهالسلام : ينظف ثوبه ، ويطيب ريحه ، ويكنس افنيته ، ويجصّص داره حتّى أن السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر ، ويزيد في الرزق (٣).
هذه بعض تلك الطرق التي هي مظهر للشكر ولإظهار النعم وفسّروا التحدّث النعم « وأما بنعمة ربّك فحدّث » بما أشار إليه الإمام وبأمثاله.
ليس حسن الصحبة أمرا يأتيك عفوا دون ترويض النفس وكبح جماحها ،
__________________
(١) مجالس الشيخ الطوسي المجلس / ٩.
(٢) مجالس الشيخ الطوسي ، المجلس / ١١ ، والآية ٧ من سورة إبراهيم.
(٣) مجالس الشيخ الطوسي ، المجلس / ١٠.