لأنها كثيرا ما تتطلّب منك التنازل لصاحبك عن بعض رغائبك وشهواتك ، وإيثاره ببعض ما عندك ، ولذا قال أبو عبد الله عليهالسلام :
« وطّن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت ».
ولمّا كان حسن الصحبة كثير المسالك ، وقد يجهل المرء أفضلها سلوكا ، علّمنا كيف نحسن صحبة من نصحب ، فقال عليهالسلام : حسّن خلقك ، وكفّ لسانك ، واكظم غيظك ، وأقل لغوك ، وتغرس عفوك ، وتسخو نفسك (١).
بل أراد أن نجعل حسن الصحبة شعارا دائميّا ، مع كلّ من نصحبه فقال : يا شيعة آل محمّد ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه ، ومن لم يحسن صحبة من صحبه (٢). الى كثير من أمثال هذا.
وألزم بالتحرّي عن الصاحب بعد فراقه ومعرفة شأنه وحاله فقال للمفضّل بن عمر بعد ما دخل عليه من سفر : من صحبك؟ فقال : رجل من اخواني ، قال :
فما فعل؟ قال : منذ دخلت لم أعرف مكانه ، فقال له : أما علمت أن من صحب مؤمنا أربعين خطوة سأله الله عنه يوم القيامة (٣).
إن للسفر آدابا خاصّة لا تضارعها الآداب في الحضر وقد تجد عند أوّل نظرة أن من الفتوّة وشرف النفس وعلوّ الهمّة بل حسن الصحبة أن تتوسّع في النفقة والإطعام بما يربو على رفاقك ، ولكن الصادق عليهالسلام ينهي عن ذلك في السفر ، لأنه تكليف للرفيق بما لا يقدر عليه إن أراد المباراة أو
__________________
(١) الوسائل : ٨ / ٤٠٢ / ٢.
(٢) نفس المصدر : ٨ / ٤٠٢ / ٣.
(٣) الوسائل : ٨ / ٤٠٣ / ٨.