أقول : وكيف لا يكون أحبّهم إليه ، وهو يريد به أن يتخلّى عن الرذيلة ويتحلّى بالفضيلة ، والحسن تلك الخلّة من الأخ جعل ذلك الكشف عن العيوب هديّة ، وهذه هي الغاية القصوى بالترغيب في هذه الخلّة للاخوان وتبادلها بينهم.
وقد جعل قبول النصح للمؤمن أمرا لا غنى عنه ، فقال عليهالسلام : لا يستغني المؤمن عن خصلة به ، والحاجة الى ثلاث خصال : توفيق من الله عزّ وجلّ ، وواعظ من نفسه ، وقبول من ينصحه (١).
إن من يشاور ذوي البصائر تتجلّى له أوجه المداخل والمخارج ، وينكشف له الحجاب عن سبل النجاح ، وينحاد عن مزالق الأخطار ، وقد كشف لنا أبو عبد الله عليهالسلام عن هذه الحقيقة فقال : « لن يهلك امرؤ عن مشورة » (٢) وأرشدنا الى المستشار في الغوامض من العوارض فقال : « ما يمنع أحدكم اذا ورد عليه ما لا قبل له به أن يستشير رجلا عاقلا له دين وورع » (٣).
وزاد في شروط الاستشارة والمستشار فقال عليهالسلام : إن المشورة لا تكون إلاّ بحدودها فمن عرفها بحدودها وإلاّ كانت مضرّتها على المستشير اكثر من منفعتها ، فأوّلها أن يكون الذي تشاوره عاقلا ، والثانية أن يكون حرّا متديّنا ، والثالثة أن يكون صديقا مواخيا ، والرابعة أن تطلعه على سرّك فيكون علمه به كعلمك بنفسك ، ثمّ يسرّ لك ويكتمه ، فإنه اذا كان عاقلا انتفعت بمشورته ،
__________________
(١) الوسائل : ٨ / ٤١٣ / ٣.
(٢) الوسائل ، باب استحباب مشاورة أهل الرأي ٨ / ٤٢٤ / ٤.
(٣) نفس المصدر ، باب استحباب مشاورة التقيّ العاقل الورع : ٨ / ٤٢٦ / ٧.