ولعلّ قصده عليهالسلام من النفع في الآخرة أن الصديق في الله صاحب العقل والدين لا يرشد صديقه إلاّ إلى صالح الدارين ، فيستنقذه بالهداية والنصح من العطب ، وأيّ نفع في الآخرة اكبر من هذا.
أو لأنه يستفيد من دعائه لاخراه كما قال في حديث آخر : استكثروا من الاخوان فإن لكلّ مؤمن دعوة مستجابة.
أو لأنه يستشفع به كما قال عليهالسلام : استكثروا من الاخوان فإن لكلّ مؤمن شفاعة ، وقال عليهالسلام : اكثروا من مؤاخاة المؤمنين فإن لهم عند الله يدا يكافيهم بها يوم القيامة (١).
بل إن الأخ المؤمن جدير بأن يجمع هذه الخلال كلّها في هذه الدانية وتلك الباقية.
إن العصمة لا تكون في البشر كلّهم ، فمن الذي لا يخطأ ولا يسهو ولا يغفل ولا ينسى ، فيستحيل أن تظفر بصديق خال من عيب أو رفيق منزّه عن سقطة ، فمن أراد الاكثار من الأصدقاء لا بدّ له من أن يتغاضى عن عيوبهم ويتغافل عن مساوئهم ومن هنا قال عليهالسلام : وأنّى لك بأخيك كلّه أيّ الرجال المهذب (٢) وقال : من لم يواخ من لا عيب فيه قلّ صديقه (٣).
واذا أراد المرء بقاء المودّة من أخيه فلا يستقص عليه كما قال عليهالسلام :
__________________
(١) الوسائل : ٨ / ٤٠٨ / ٧.
(٢) الوسائل ، باب استحباب الإغضاء عن الاخوان : ٨ / ٤٥٨ / ١.
(٣) بحار الأنوار : ٧٨ / ٢٧٨.