في غزوة الخندق (١)
الذي عليه أكثر المؤرخين أن سلمان لم يشارك في غزوات النبي الأولى كبدرٍ وأحد ، لأنه كان لا يزال في حينها قيد الرق ، أما بعد أن أعتقه الإسلام من رقه فانه لم ينفك عن مصاحبته صلى الله عليه وآله وسلم ومواكبته له في غزواته وحروبه ، واسداء الرأي والنصيحة حينما يتطلب الأمر ذلك ، فكان له مواقف خالدة في هذا المضمار إحتفظ لنا التأريخ ببعض منها نظراً لما كان يترتب عليها من أهمية تتصل بالحفاظ على قوة المسلمين العسكرية .
وأهم هذه المواقف وأعظمها ما أشار به على المسلمين في حربهم ضد الشرك فيما يسمى بغزوة « الخندق » . ، وغزوة الخندق هذه إشتملت على مشاهد مثيرة يعيشها القارىء من خلال ما سجلته أقلام المؤرخين حولها ، ففيها إلتقت الكثافة العددية لجيش العدو بالقلة العددية لجيش المسلمين ، مع ما دبر من مكائد تجمعها كلمة « الحرب خدعة » بين الطرفين ، وتدخل العنصر الغيبي « الإلهي » لحسم الموقف ، مما يدعو القارىء والكاتب إلى ضرورة الإلمام بها وبظروفها ولو بنحو الإجمال .
لقد بدأت هذه الحرب في شوال من السنة الخامسة للهجرة بتحريض جماعة من اليهود وذلك : أن نفراً من يهود بني النضير قرروا فيما بينهم أن يقوموا
__________________
(١) : راجع سيرة المصطفى / ٤٩٣ وما بعدها . والكامل ٢ / ١٧٨ وما بعدها بتصرف .