لكن قد يقوى خلافه ، للأصل الذي خرجنا عنه في المدبر للنصوص (١) الدالة عليه الظاهرة في كونه موصيا أو بمنزلة الموصى في ذلك المقتضية لعدم جواز تبديل وصيته ووجوب إبقائها ، إذ هو حينئذ كمن أوصى بشيء تأخر وقته مثلا ، والله العالم.
الثاني :
إذا كان له مال غائب بقدر قيمته مرتين وكان قد دبر عبدا ثم مات تحرر ثلثه معجلا وفاقا للأكثر ، لوجود للمقتضي فيه بلا مانع ، ووقف الثلثان ، ثم كل ما حصل من المال شيء تحرر من باقي المدبر بنسبته ، فلو فرض أن قيمته مأة مثلا والمال الغائب مأتان وقد حصل منه مأة تحرر منه ثلثاه وإن تلف المائتان مثلا استقر العتق في ثلثه خاصة ، وعلى هذا فثلث اكتسابه بعد موت السيد له ، ويوقف الباقي ، فإن وصل المال إلى الوارث تبين عتقه أجمع وتبعه كسبه.
وفي غاية المراد والمسالك ذكر ذلك أحد الوجهين ، والثاني أنه لا ينعتق حتى يصل المال إلى الورثة ، لأن في تنجيز العتق تنفيذ التبرع في الثلث قبل تسلط الورثة على الثلثين ، إذ لا بد من التوقف في الثلثين إلى أن يتبين حال الغائب ، وحينئذ فينعتق منه في المثال المزبور إذا حصلت مأة نصفه لا ثلثاه ، لحصول مثليه حينئذ للوارث ، وفي غاية المراد « ربما أمكن احتمال المراعاة » وفي المسالك « ربما يخرج على الوجه الثاني أن للوارث التصرف في الثلثين ، كما يحكم بعتق الثلث مراعاة للحقين المتلازمين ، فان حضر الغائب نقض تصرفه ، وإلا صح خلاف ذلك كله ».
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب التدبير.