وأما المكاتبة :
التي هي في الأصل مصدر ـ كالكتابة من الكتب ـ بمعنى الضم والجمع ، يقال : كتبت القربة إذا وكئت رأسها ، ومنه الكتابة ، لما فيها من ضم الحروف بعضها إلى بعض ، والكتبة لانضمام بعضهم إلى بعض ، وعرفا اسم للعقد الخاص أو للأثر الحاصل منه أو لغير ذلك مما سمعته مكررا في نظائرها ، وكان وجه المناسبة ما فيها من انضمام النجم إلى النجم ، أو لكتب كتاب بينهما بالعتق إذا أدى ، أو لا يجاب المولى على نفسه ذلك من « كتب » أي « أوجب » أو لأنها توثق بالكتابة باعتبار كون عوضها مؤجلا من شأنه الاستيثاق بالكتابة موافقا لقوله تعالى (١) ( إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) والأصل في مشروعيتها قوله تعالى (٢) ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ ) مضافا إلى إجماع المسلمين والسنة المتواترة (٣).
وعلى كل حال ف تمام الكلام فيها يستدعي بيان أركانها وأحكامها ولواحقها.
أما الأركان فالصيغة والموجب والمملوك والعوض إلا أنه ينبغي أن يعلم أولا أن الكتابة مستحبة عندنا ابتداء مع الأمانة أي الديانة والاكتساب أي المال المفسر بهما الخير في الآية في صحيح الحلبي (٤) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ( إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) إن علمتم لهم دينا ومالا » وفي صحيح
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٨٢.
(٢) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب المكاتبة.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب المكاتبة الحديث ـ ١.