فما حد العجز؟ قال : إن قضاتنا يقولون : إن عجز المكاتب أن يؤخر النجم إلى النجم الآخر حتى يحول عليه الحول ، قلت : فما تقول أنت؟ قال : لا ولا كرامة ، ليس له أن يؤخر نجما عن أجله إذا كان في شرطه » إلى غير ذلك من النصوص الظاهرة في كون بناء الكتابة على ذلك.
ولعله إليه يرجع الاستدلال على ذلك بإيقاع السلف من عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعده ، فإنهم لا يعقدون الكتابة إلا على عوض مؤجل على وجه يقتضي عدم جواز غيره ، فكان إجماعا ، فلا يرد حينئذ عدم عدم اقتضاء ذلك بطلان الحال ، إذ عدم استعمالهم له أعم من البطلان.
كما أن ما ذكر أيضا من الاستدلال بأنه على تقدير الحلول يتوجه المطالبة في الحال وهو عاجز عن الأداء حينئذ ، فيكون كالسلم في شيء لا يوجد عند الحلول ، فلا بد من ضرب أجل له يوجد فيه لئلا يطرق إليه الجهالة الداخلة في الغرر المنهي عنه (١) فيرجع إلى إرادة عدم ثبوت شرعية الحال الذي لا يتمكن منه العبد غالبا ، واحتماله في بعض الأفراد على بعض الأحوال خصوصا إذا كان مبعضا وكوتب على الجزء الآخر لا ينافي حكمه شرعية الأجل الذي تخرج به المعاملة عن كونها سفهية وعن غير المقدور عليها ونحو ذلك.
فما عن الشيخ في الخلاف وابن إدريس ويحيى بن سعيد من عدم اعتبار الأجل للإطلاق لا يخلو من نظر وإن اختاره الفاضل في القواعد وثاني الشهيدين في المسالك ، بل الأولى اعتبار أجل يتمكن فيه من أداء المال عادة ، فلا يكفي غيره على الأحوط ، والله العالم.
ولا خلاف في أنه يفتقر ثبوت حكمها إلى الإيجاب والقبول ولو على جهة المعاطاة كغيرها من العقود بناء على عموم شرعيتها ، وإن كان لا يخلو جريان المعاطاة هنا من إشكال لعدم ثبوت سيرة عليها ، نعم أقواه الثبوت عند بعض ، للصدق عرفا وإن كان فيه ما فيه ، كما تقدم في نظائره.
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٥ ص ٣٣٨.