المسألة الثامنة :
قد عرفت فيما تقدم أن تكرار القذف قبل اللعان من غير أن يتخلله الحد لا يوجب زيادته عن حد واحد ولا أزيد من لعان واحد إجماعا ، كما في المسالك ، لصدق الرمي على المتحد والمتعدد.
إنما الكلام فيما إذا قذفها فلم يلاعن فحد ثم قذفها به ف قيل والقائل الشيخ في محكي المبسوط لا يحد لا لما قيل من أن الحد في القذف إنما يثبت مع اشتباه صدق القاذف وكذبه ، لا مع الحكم بأحدهما ، وكذبه هنا معلوم بقوله تعالى (١) ( فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ ) إذ هو كما ترى ، بل للشك في وجوب الحد على القذف الذي حصل الحد عليه ، لأنه قذف واحد وإن تكرر لفظه تأكيدا ، والأصل البراءة ، خصوصا مع بناء الحدود على التخفيف ، ولذا تدرأ بالشبهات ، مضافا إلى ما عن الخلاف من الإجماع والأخبار.
وقيل والقائل هو أيضا في محكي الخلاف يحد تمسكا بحصول الموجب وهو صدق اسم القذف والرمي ، والأصل تعدد المسبب بتعدد السبب الذي لا وجه للشك فيه بعد اقتضاء ظاهر الدليل الذي هو مناط الأحكام الشرعية ، ومن هنا كان هو أشبه بأصول المذهب وقواعده ، وربما يؤيد بأنه لا إشكال في وجوب الحد عليه لو قذفها بغير القذف الذي حد عليه ، وليس هو إلا لصدق القذف المشترك بينه وبين رميها بالأول ، فتأمل.
وكذا الخلاف فيما لو تلاعنا ثم قذفها به وإن كان القول هنا بسقوط الحد أظهر بل المحكي عن الشيخ اتفاق قوليه على السقوط ، ولعله لأن اللعان مساو للبينة والإقرار من المرأة في سقوط الحد ثانيا ، ولكن الانصاف عدم خلو ذلك
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ١٣.