وقال غير واحد من المفسرين وبعض اللغويين : إن صيغة الرحمن مبالغة في الرحمة ، وهو كذلك في خصوص هذه الكلمة ، سواء أكانت هيئة فعلان مستعملة في المبالغة أم لم تكن ، فان كلمة الرحمن في جميع موارد استعمالها محذوفة المتعلق ، فيستفاد منها العموم وأن رحمته وسعت كل شئ. ومما يدلنا على ذلك أنه لا يقال : إن الله بالناس أو بالمؤمنين لرحمن ، كما يقال : إن الله بالناس أو بالمؤمنين لرحيم.
وكلمة الرحمن بمنزلة اللقب من الله سبحانه ، فلا تطلق على غيره تعالى ، ومن أجل ذلك استعملت في كثير من الآيات الكريمة من دون لحاظ مادتها قال سبحانه :
« قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ ٣٦ : ١٥. إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ : ٢٣. هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ : ٥٢. مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ ٦٧ : ٣ ».
ومما يقرب اختصاص هذا اللفظ به قوله تعالى :
« رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ١٩ : ٦٥ ».
فان الملحوظ أن الله تعالى قد اعتنى بكلمة الرحمن في هذه السورة مريم حتى كررها فيها ست عشرة مرة. وهذا يقرب أن المراد بالآية الكريمة أنه ليس لله سمي بتلك الكلمة.
الرحيم :
صفة مشبهة ، أو صيغة مبالغة. ومن خصائص هذه الصيغة أنها تستعمل