العالمين ، أو يكون عاصيا فيأمر الناس باتباعه الرحمن الرحيم ، وقد نص البارئ : ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) وحينئذ يجب أن يكون عليه إمام ، يقيه المزالق والمرديات ، فينتج تسلسل وهذا محال.
أما الطلقاء ، فهل فارقت شفاههم الطلا كل صباح ومساء ، وخلت دورهم من مزامير وأوتار ، ورنة خلخال؟
فأين الثريا وأين الثرى؟
وأين الحصا من نجوم السما؟
فأين هؤلاء في بديعة أبي فراس الحمداني حيث أجاد :
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا |
|
مأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم |
يا باعة الخمر كفوا عن مفاخركم |
|
لمشعر بيعهم يوم الهياج دم |
تنشى التلاوة في أبياتهم سحرا |
|
وفي بيوتكم الأوتار والنغم |
منكم علية أم منهم؟ وكان لكم |
|
شيخ المغنين إبراهيم (١) أم لهم |
إذا تلوا سورة غنى إمامكم |
|
قف بالطلول التي لم يعفها القدم |
ما في بيوتهم للخمر معتصر |
|
ولا بيوتكم للسوء معتصم |
ولا تبيت لهم خنثى (٢) تنادمهم |
|
ولا يرى لهم قرد ولا حشم |
الركن والبيت والأستار منزلهم |
|
وزمزم والصفا والحجر والحرم (٣) |
ثم أين مهديهم وقائمهم ـ كما مر في الحديثين الشريفين ـ من هؤلاء الخلفاء؟
وأين الإمام ـ من هؤلاء ـ الذي يشعب به الله الصدع ، ويرتق الفتق ، وبه يموت الجور ، ويظهر العدل ، الذي تجب معرفته وطاعته ، ويحرم جهله وعصيانه ، وكانت ميتة الجاهل به ميتة جاهلية ، كما ورد في الحديث الشريف : ( من مات ولم يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية ) (٤).
__________________
(١) علية : أخت الرشيد ، بنت المهدي بن المنصور كانت عوادة ، وابراهيم أخوها كان مغنيا وعوادا ، وقد عين خليفة عند ما عين المأمون الرضا (ع) وليا للعهد.
(٢) الخنثى : هو عبادة نديم المتوكل ، والقرد كان لزبيدة ، وقد اشتهر لخلفاء بني أمية أيضا كثرة الكلاب والقردة. راجع تاريخ الطبري.
(٣) الغدير ج ٣ ص ٣٩٩.
(٤) الجواهر المضيئة لابن أبي الوفاء محيي الدين ج ٢ ص ٤٥٧ ، ط حيدرآباد الدكن نقلا عن صحيح مسلم.